تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَٱلۡعَصۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة العصر ، مكية وآياتها ثلاث ، نزلت بعد سورة { ألم نشرح } وفي هذه السورة القصيرة منهج كامل للحياة البشرية الفاضلة ، فهي تضع الدستور الإسلامي كله في كلمات قصار ، فيها قواعد ثابتة لو عمل بها البشر لعاشوا في مجتمع فاضل متكامل . وهي : الإيمان ، والعمل الصالح ، والتواصي بالحق ، والاعتصام بالصبر . فهذه القواعد أسس ثابتة للدين والفضيلة . وقد قال الإمام الشافعي رضي الله عنه : " لو تدبّر الناس هذه السورة لوسعتهم " . ولجلالة ما جمعت هذه السورة كان الرجلان من الصحابة الكرام إذا التقيا لم يتفرّقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة { والعصر } ، ثم يسلّم أحدهما على الآخر . وذلك ليذكّر الواحد منهما صاحبه بما يجب أن يكون عليه ، ثم يمضي كل إلى طريقه .

العصر : الدهر ، والزمان يُنسَب إلى دولة أو ملك . . يقال : العصر العباسي ، وعصر الملك فلان ، والعصر الجيولوجي الخ ، والوقت في آخر النهار إلى احمرار الشمس .

لقد أقسم اللهُ تعالى بالعصْرِ لما فيه من عجائبَ وعبَرٍ تدلّ على قدرة الله وحكمته ، وما فيه من سرّاء وضَرّاء ، وصحة وسُقْم ، وراحة وتعب ، وحزنٍ وفزع . . إلى غير ذلك . وقال بعض المفسّرين : أقسَم بآخرِ النهار ، كما أقسَم بالضحى . . .

   
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱلۡعَصۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية . وقال قتادة : مدنية ، وروي عن ابن عباس ، وهي ثلاث آيات .

فيه مسألتان :

الأولى- قوله تعالى : " والعصر " أي الدهر ، قاله ابن عباس وغيره . فالعصر مثل الدهر ، ومنه قول الشاعر :

سبيلُ الهَوَى وعْرٌ وبحرُ الهَوَى غَمْرُ*** ويومُ الهَوَى شهرٌ وشهرُ الهوى دَهْرُ

أي عصر أقسم الله به عز وجل ؛ لما فيه من التنبيه بتصرف الأحوال وتبدلها ، وما فيها من الدلالة على الصانع . وقيل : العصر : الليل والنهار . قال حميد بن ثور :

ولن يَلْبَثَ العصران : يومٌ وليلةٌ *** إذا طَلَبَا أن يُدرِكَا ما تَيَمَّمَا

والعصران أيضا : الغداة والعشي . قال :

وأمْطُلَهُ العَصْرَيْن حتى يَمَلَّنِي *** ويرضى بنصفِ الدَّيْنِ والأنفُ رَاغِمُ

يقول : إذا جاءني أول النهار ووعدته آخره . وقيل : إنه العشي ، وهو ما بين زوال الشمس وغروبها . قاله الحسن وقتادة . ومنه قول الشاعر :

تَرَوَّحْ بِنَا يا عَمْرُو قد قَصُرَ العَصْرُ*** وفي الروحة الأولى الغنيمةُ والأجرُ

وعن قتادة أيضا : هو آخر ساعة من ساعات النهار . وقيل : هو قسم بصلاة العصر ، وهي الوسطى ؛ لأنها أفضل الصلوات ، قاله مقاتل . يقال : أذن للعصر ، أي لصلاة العصر . وصليت العصر ، أي صلاة العصر . وفي الخبر الصحيح " الصلاة الوسطى صلاة العصر " . وقد مضى في سورة " البقرة " {[16356]} بيانه .

وقيل : هو قسم بعصر النبي صلى الله عليه وسلم ، لفضله بتجديد النبوة فيه . وقيل : معناه ورب العصر .

الثانية : قال مالك : من حلف ألا يكلم رجلا عصرا لم يكلمه سنة . قال ابن العربي : إنما حمل مالك يمين الحالف ألا يكلم امرأ عصرا على السنة ؛ لأنه أكثر ما قيل فيه ، وذلك على أصله في تغليظ المعنى في الأيمان . وقال الشافعي : يبر بساعة ، إلا أن تكون له نية ، وبه أقول ، إلا أن يكون الحالف عربيا ، فيقال له : ما أردت ؟ فإذا فسره بما يحتمله قبل منه ، إلا أن يكون الأقل ، ويجيء على مذهب مالك أن يحمل على ما يفسر . والله أعلم .


[16356]:راجع جـ 3 ص 210.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَٱلۡعَصۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة العصر

مكية ، وآياتها 3 ، نزلت بعد الشرح .

{ والعصر } فيه ثلاثة أقوال :

الأول : أنه صلاة العصر ، أقسم الله بها لفضلها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله " .

الثاني : أنه العشي ، أقسم به كما أقسم بالضحى ، ويؤيد هذا قول أبي بن كعب : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العصر فقال : " أقسم ربكم بآخر النهار " .

والثالث : أنه الزمان .