تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{۞كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِلّٗا لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسۡرَـٰٓءِيلُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ مِن قَبۡلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوۡرَىٰةُۚ قُلۡ فَأۡتُواْ بِٱلتَّوۡرَىٰةِ فَٱتۡلُوهَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (93)

الطعام : كل ما يؤكل ، ويطلق أحيانا على الخبز والقمح .

الحل : الحلال .

إسرائيل : لقب يعقوب .

افترى : اختلق الكذب .

كان اليهود يتصيّدون كل شبهة لينفَذوا منها إلى الطعن في صحة الرسالة المحمدية ، وإشاعة الاضطراب والفتنة في عقول المؤمنين . ومن الشبهات التي أوردوها أنهم قالوا للنبي : أنت تدّعي أنك على ملة إبراهيم ، فكيف تأكل لحوم الإبل وتشرب ألبانها مع أن ذلك حرام في دين إبراهيم ؟ فردّ عليهم بأن كل الطعام كان حلالا لبني إسرائيل ، ولإبراهيم من قبله ، إلا ما حرّم إسرائيل ( وهو يعقوب ) على نفسه من قبل أن تنزل التوراة . وذلك أنه مرض مرضا شديدا وأصابه عِرق النَّسا فنذر لله لئن عافاه من هذا المرض ليمتنعنّ عن أكل لحوم الإبل وألبانها ، وكانت أحبّ شيء إلى نفسه . فقبل الله منه نذره . ثم جرت سنة بني إسرائيل على اتباع أبيهم في تحريم ما حرم . كذلك حرم على بني إسرائيل مطاعم أخرى عقوبة لهم على معصيات ارتكبوها سيأتي ذكرها في سورة الأنعام .

وهنا في هذه الآية الكريمة يرد الله عليهم ويبين أن الأصل في هذه المطاعم هو الحل ، وأنها حُرمت عليهم لأسباب خاصة بهم . فإذا أحلها للمسلمين فهو رجوع إلى الأصل ، وهو أمر لا يثير الاعتراض ولا الشك في صحة هذا القرآن .

وقد أمر الله رسوله أن يطلب منهم أن يأتوا من التوراة بدليل يثبت أن شريعة إبراهيم تحرم ذلك ، فعجزوا ، لأن قولهم كان مجرد فرية منهم وكذبة لفّقوها . كانوا يكذبون على الله وعلى الأنبياء السابقين . فأولئك هم الظالمون لأنفسهم المستحقون لعذاب الله .