بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِلّٗا لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسۡرَـٰٓءِيلُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ مِن قَبۡلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوۡرَىٰةُۚ قُلۡ فَأۡتُواْ بِٱلتَّوۡرَىٰةِ فَٱتۡلُوهَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (93)

قوله تعالى : { كُلُّ الطعام كَانَ حِلاًّ لّبَنِي إسرائيل } قال في رواية الكلبي : خرج يعقوب إلى بيت المقدس ، فلقيه ملك في الطريق ، فظن يعقوب أنه لص ، فعالجه ، فغمز الملك رجل يعقوب ، فهاج به عرق النساء ، فنذر أن يحرم أحب الطعام إليه إن برأ من ذلك لما رأى فيه من الجهد . فلما برأ كان أحب الطعام إليه لحوم الإبل وألبانها ، فحرمها على نفسه . فقالت اليهود : هذا التحريم من الله تعالى في التوراة ، فنزل قوله تعالى : { كُلُّ الطعام كَانَ حِلاًّ لّبَنِي إسرائيل } أي كان حلالاً ، إلا الميتة والدم ولحم الخنزير ثم قال : { إِلاَّ مَا حَرَّمَ إسرائيل على نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التوراة } وليس تحريمها في التوراة ثم قال لمحمد صلى الله عليه وسلم : { قُلْ } لليهود { فَأْتُواْ بالتوراة فاتلوها } يعني اقرؤوها { إِن كُنتُمْ صادقين } بأن تحريمها في التوراة ، لأنهم كانوا يقولون : إن ذلك حرام من وقت نوح ، وأنت وأصحابك تستحلونها . وقال الضحاك : إن يعقوب لما أصابه عرق النساء ، أمره الأطباء أن يتجنب لحوم الإبل ، فحرم على نفسه لحوم الإبل . فقالت اليهود : حرَّمْناها على أنفسنا ، لأن يعقوب حرّمها على نفسه ، فنزل تحريمها في التوراة ، فنزلت الآية ويقال معناه كل طعام هو حلال لأمتك ، مثل ما كان حلالاً لبني إسرائيل ، إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ، وبعضها حُرّم عليهم بذنوبهم . وقال الزجاج : هذه الآية أعظم دليل لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه أخبرهم بأنه ليس في كتابهم ، وأمرهم بأن يأتوا بالتوراة ، فأبوا وعرفوا أنه قال ذلك بالوحي .