الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِلّٗا لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسۡرَـٰٓءِيلُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ مِن قَبۡلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوۡرَىٰةُۚ قُلۡ فَأۡتُواْ بِٱلتَّوۡرَىٰةِ فَٱتۡلُوهَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (93)

قوله : ( كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ ) الآية [ 93 ] .

إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلى الله عليه وسلم أخبرنا الله تعالى أن الأطعمة كلها كانت( {[10426]} ) حلالاً لولده يعقوب إلا ما حرم( {[10427]} ) يعقوب على نفسه قبل نزول التوراة ، وحرمه وُلْدَه( {[10428]} ) على أنفسهم من غير( {[10429]} ) فرض من الله تعالى عليهم ، وكان بيعقوب صلى الله عليه وسلم عرق يسمى عرق النساء ، فيأخذه بالليل ويتركه بالنهار فحلف : إن الله عافاه( {[10430]} ) منه ألا يأكل عرقاً أبداً ، فحرَّم الله عليهم لبغيهم فنزلت التوراة بتحريم ما كانوا حرَّموه على أنفسهم ، فذلك قوله : ( فَبِظُلْمٍ الذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ احٍلَّتْ لَهُمْ ) ثم قال : إن أنكرتم ذلك فاتوا بالتوراة فاتلوها فإنكم تجدون ذلك( {[10431]} ) فهذا قول السدي( {[10432]} ) .

وقيل( {[10433]} ) : إن الذي حرموه على أنفسهم إنما تبعوا فيه يعقوب صلى الله عليه وسلم ، ولم تنزل التوراة بشيء منه ، ولكنهم ادعوا أنه في التوراة فقال الله : قل يا محمد ايتوا بالتوراة فإنه لا شيء فيها مما يقولون( {[10434]} ) .

وقال ابن عباس : حرم إسرائيل على نفسه وعلى ولده العرق وليس بمكتوب في التوراة( {[10435]} ) .

فمجاهد وقتادة وابن عباس وغيرهم يقولون : الذي حرم إسرائيل على نفسه هو العرق لعرق كان به يؤذيه( {[10436]} ) .

[ وقال عطاء ]( {[10437]} ) وابن جريج : حرم على نفسه لحوم الإبل وألبانها ، وهو قول الحسن( {[10438]} ) .

ويروى أن عصابة من اليهود حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا أبا القاسم ، أخبرنا أي شيء حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنشدكم بالذي أنزل التوراة هل تعلمون أن إسرائيل –يعقوب- مرض مرضاً شديداً ، فطال سقمه منه ، فنذر لله نذراً لئن عافاه الله منه ليحرمن أحب الطعام والشراب إليه ، وكان أحب الطعام إليه لُحمان( {[10439]} ) الإبل ، وأحب الشراب إليه ألبانها ، فقالوا( {[10440]} ) : اللهم نعم( {[10441]} ) .

وروي انه حرم على نفسه أحب الطعام إليه إن برئ( {[10442]} ) ، وكان أحب الطعام إليه لحوم الإبل وشحومها ، وشحوم الضأن والبقر والمعز ، فحرم ذلك على نفسه .


[10426]:- (د): كان.
[10427]:- (أ) الاما حرم الله يعقوب.
[10428]:- وُلد جمع وَلَد كوتن ووتن، انظر: اللسان (ولد) 3/467.
[10429]:- (أ): غيرهم.
[10430]:- (أ) (ج) (د): عفاه.
[10431]:- (أ): كذلك فهدى
[10432]:- انظر: جامع البيان 4/1.
[10433]:- (أ): ص تقولون.
[10434]:- عزاه الطبري إلى الضحاك في جامع البيان 4/2.
[10435]:- انظر: جامع البيان 4/2.
[10436]:- تفسير مجاهد 1/132 وجامع البيان 4/5.
[10437]:- ساقط من (أ).
[10438]:- انظر: جامع البيان 4/4.
[10439]:- (د): لحماً من الإبل.
[10440]:- في كل النسخ فقال وهو خطأ.
[10441]:- انظر: المسند لأحمد 1/243-273، وجامع البيان 4/5 والدر المنثور 2/263.
[10442]:- (ب): ازيري (ج): أن يرى.