الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيۡظِهِمۡ لَمۡ يَنَالُواْ خَيۡرٗاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزٗا} (25)

قوله تعالى : " ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا " قال محمد بن عمرو يرفعه إلى عائشة : قالت " الذين كفروا " ها هنا أبو سفيان وعيينة بن بدر ، رجع أبو سفيان إلى تهامة ، ورجع عيينة إلى نجد " وكفى الله المؤمنين القتال " بأن أرسل عليهم ريحا وجنودا حتى رجعوا ورجعت بنو قريظة إلى صياصيهم ، فكفى أمر قريظة - بالرعب . " وكان الله قويا " أمره " عزيزا " لا يغلب .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيۡظِهِمۡ لَمۡ يَنَالُواْ خَيۡرٗاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزٗا} (25)

ولما ذكرهم سبحانه نعمته بما أرسل على أعدائهم من جنوده ، وبين أحوال المنافقين والصادقين وما له في ذلك من الأسرار ، وختم بهاتين الصفتين ، قال مذكراً بأثرهما فيما خرقه من العادة بصرف الأعداء على كثرتهم وقوتهم على حالة لا يرضاها لنفسه عاقل ، عاطفاً على قوله في أول {[55409]}السورة و{[55410]} القصة { فأرسلنا } : { ورد الله } أي بما له من صفات الكمال { الذين كفروا } أي ستروا ما دلت عليه شموس عقولهم من أدلة الوحدانية وحقية{[55411]} الرسالة ، وهم من تحزب من العرب وغيرهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلادهم عن المدينة {[55412]}ومضايقة{[55413]} المؤمنين ، حال كونهم { بغيظهم } الذي أوجب لهم التحزب ثم الذي أوجب لهم التفرق من غير طائل{[55414]} حال كونهم { لم ينالوا خيراً } لا من الدين ولا من الدنيا ، بل خذلهم بكل اعتبار .

ولما كان الرد قد يكون بسبب من عدوهم ، بين أن الأمر ليس كذلك فقال : { وكفى الله } أي العظيم بقوته وعزته عباده ، {[55415]}ودل{[55416]} على أنه{[55417]} ما فعل ذلك إلا لأجل أهل الإخلاص{[55418]} فقال : { المؤمنين القتال } بما ألقى في قلوبهم من الداعية للانصراف بالريح والجنود من الملائكة وغيرهم منهم نعيم بن{[55419]} مسعود كما تقدم .

ولما كان هذا أمراً باهراً ، أتبعه ما{[55420]} يدل على أنه عنده يسير فقال : { وكان الله } أي الذي له كل{[55421]} صفة كمال دائماً أزلاً وأبداً { قوياً } لا يعجزه شيء { عزيزاً{[55422]} } يغلب كل شيء .


[55409]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم ومد.
[55410]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم ومد.
[55411]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: حقيقة.
[55412]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[55413]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[55414]:زيد من ظ ومد.
[55415]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[55416]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[55417]:في ظ: ما.
[55418]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الخلاص.
[55419]:زيد من ظ وم ومد.
[55420]:في ظ: بما.
[55421]:سقط من ظ.
[55422]:تقدم في ظ على "لا يعجزه".
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيۡظِهِمۡ لَمۡ يَنَالُواْ خَيۡرٗاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزٗا} (25)

قوله تعالى : { وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا } رد الله قريشا وغطفان وغيرهم من الكافرين الذين تألّبوا على النبي والمؤمنين لاستئصالهم ، ردهم { بغيظهم } أي بكيدهم وغضبهم وحنقهم ؛ إذ عادوا خائبين خاسرين فلم يظفروا بما كانوا يطمعون فيه من الغلبة والنصر على المؤمنين .

قوله : { وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ } كفهم الله القتال بجنود الملائكة وبالريح العاصف الذي أعمى أبصارهم وبدد شملهم ، والمسلمون حينئذ آمنون سالمون : إذ لم يحتاجوا إلى منازلتهم أو قتالهم لإخراجهم من وطنهم بل كفاهم الله ذلك فردهم مذعورين متفرقين خزايًّا . وفي الصحيحين عن عبد الله بن أبي أوفى ( رضي الله عنه ) قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأحزاب فقال : " اللهم منزل الكتاب ، سريع الحساب ، اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم " .

وبعد غزوة الخندق لم يقم المشركون بغزو المسلمين بل غزاهم المسلمون في بلادهم . وفي هذا روى الإمام أحمد عن سليمان بن صرد ( رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب : " الآن نغزوهم ولا يغزونا "

قوله : { وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا } الله قوي قادر على فعل ما يشاء وعلى نصر جنده المؤمنين ، والله عزيز لا يغلبه غالب ، ينتقم لدينه وعباده المؤمنين من الظالمين المجرمين{[3722]}


[3722]:تفسير ابن كثير ج 3 ص 476-477، والكشاف ج 3 ص 256، وفتح القدير ج 3 ص 272 وتفسير القرطبي ج 14 ص 158-160