البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيۡظِهِمۡ لَمۡ يَنَالُواْ خَيۡرٗاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزٗا} (25)

{ ورد الله الذين كفروا } الأحزاب عن المدينة ، والمؤمنين إلى بلادهم .

{ بغيظهم } : فهو حال ، والباء للمصاحبة ؛ و { لم ينالوا } : حال ثانية ، أو من الضمير في بغيظهم ، فيكون حالاً متداخلة .

وقال الزمخشري : ويجوز أن تكون الثانية بياناً للأولى ، أو استئنافاً . انتهى .

ولا يظهر كونها بياناً للأولى ، ولا للاستئناف ، لأنها تبقى كالمفلتة مما قبلها .

{ وكفى الله المؤمنين القتال } ، بإرسال الريح والجنود ، وهم الملائكة ، فلم يكن قتال بين المؤمنين والكفار .

وقيل : المراد علي بن أبي طالب ومن معه ، برزوا للقتال ودعوا إليه .

وقتل علي من الكفار عمرو بن عبيد مبارزة ، حين طلب عمرو المبارزة ، فخرج إليه علي ، فقال : إني لا أوثر قتلك لصحبتي لأبيك ، فقال له علي : فأنا أوثر قتلك ، فقتله علي مبارزة .

واقتحم نوفل بن الحارث ، من قريش ، الخندق بفرسه ، فقتل فيه .

وقتل من الكفار أيضاً : منبه بن عثمان ، وعبيد بن السباق .

واستشهد من المسلمين ، في غزوة الخندق : معاذ ، وأنس بن أوس بن عتيك ، وعبد الله بن سهل ، وأبو عمرو ، وهم من بني عبد الأشهل ؛ والطفيل بن النعمان ، وثعلبة بن غنمه ، وهما من بني سلمة ؛ وكعب بن زيد ، من بني ذبيان بن النجار ، أصابه سهم غرب فقتله .

ولم تغز قريش المسلمين بعد الخندق ، وكفى الله مداومة القتال وعودته بأن هزمهم بعد ذلك ، وذلك بقوته وعزته .

وعن أبي سعيد الخدري : حبسنا يوم الخندق ، فلم نصل الظهر ، ولا العصر ، ولا المغرب ، ولا العشاء ، حتى كان بعد هوي من الليل ، كفينا وأنزل الله تعالى : { وكفى الله المؤمنين القتال } ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بلالاً ، فأقام وصلى الظهر فأحسنها ، ثم كذلك كل صلاة بإقامة .