إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيۡظِهِمۡ لَمۡ يَنَالُواْ خَيۡرٗاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزٗا} (25)

وقولُه تعالى : { وَرَدَّ الله الذين كَفَرُواْ } رجوعٌ إلى حكايةِ بقيةِ القصَّةِ وتفصيلُ تتمةِ النِّعمةِ المشارِ إليها إجمالاً بقولِه تعالى : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا } [ سورة الأحزاب ، الآية9 ] معطوفٌ إمَّا على المضمرِ المقدَّرِ قبل قولِه تعالى : { لّيَجْزِيَ الله } كأنَّه قيل إثرَ حكايةِ الأمورِ المذكورةِ : وقعَ ما وقعَ من الحوادثِ وردَّ الله الخ ، وإمَّا على أرسلنَا وقد وسِّط بينهما بيانُ كونِ ما نزَل بهم واقعةً طامَّة تحيَّرتْ بها العقولُ والأفهامُ وداهيةً تامَّةً تحاكت منها الرُّكبُ وزلَّتِ الأقدامُ . وتفصيلُ ما صدَر عن فريقَيْ أهلِ الإيمانِ وأهلِ الكفرِ والنفاقِ من الأحوالِ والأقوالِ لإظهارِ عظمِ النِّعمةِ وإبانةِ خطرِها الجليلِ ببيانِ وصولِها إليهم عند غايةِ احتياجِهم إليها أي فأرسلنا عليهم ريحاً وجُنوداً لم ترَوها ورددنا بذلك الذين كفرُوا ، والالتفاتُ إلى الاسمِ الجليلِ لتربيةِ المهابةِ وإدخالِ الرَّوعةِ . وقولُه تعالى : { بِغَيْظِهِمْ } حالٌ من الموصولِ أي مُلتبسين بهِ وكذا قولُه تعالى : { لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً } بتداخلٍ أو تعاقبٍ أي غيرَ ظافرينَ بخير أو الثَّانية بيانٌ للأُولى أو استئنافٌ .

{ وَكَفَى الله المؤمنين القتال } بما ذُكر من إرسالِ الرِّيحِ والجُنودِ { وَكَانَ الله قَوِيّاً } على إحداثِ كلِّ ما يُريد { عَزِيزاً } غالباً على كلِّ شيءٍ .