فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيۡظِهِمۡ لَمۡ يَنَالُواْ خَيۡرٗاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزٗا} (25)

ثم رجع سبحانه إلى حكاية بقية القصة ، وما امتنّ به على رسوله والمؤمنين من النعمة فقال : { وَرَدَّ الله الذين كَفَرُواْ } ، وهم الأحزاب ، والجملة معطوفة على { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً } أو على المقدّر عاملاً في { ليجزي الله الصادقين بصدقهم } ، كأنه قيل : وقع ما وقع من الحوادث وردّ الله الذين كفروا ، ومحل { بِغَيْظِهِمْ } النصب على الحال ، والباء للمصاحبة ، أي حال كونهم متلبسين بغيظهم ومصاحبين له ، ويجوز أن تكون للسببية ، وجملة { لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً } في محل نصب على الحال أيضاً من الموصول ، أو من الحال الأولى على التعاقب ، أو التداخل .

والمعنى : أن الله ردّهم بغيظهم لم يشف صدورهم ولا نالوا خيراً في اعتقادهم ، وهو الظفر بالمسلمين ، أو لم ينالوا خيراً أيّ خير ، بل رجعوا خاسرين لم يربحوا إلا عناء السفر وغرم النفقة { وَكَفَى الله المؤمنين القتال } بما أرسله من الريح والجنود من الملائكة { وَكَانَ الله قَوِيّاً عَزِيزاً } على كل ما يريده إذا قال له : كن كان ، عزيزاً غالباً قاهراً لا يغالبه أحد من خلقه ولا يعارضه معارض في سلطانه وجبروته .

/خ25