الآية 25 وقوله تعالى : { ورد الله الذين كفروا بغيظهم } أي رد كفار مكة يوم الخندق { لم ينالوا خيرا } قال بعضهم : أي غنيمة ، أي ردهم بغيظهم ، لم يصيبوا شيئا من الغنيمة .
فإن كان المراد من الخير الغنيمة فجائز أن يستدل [ بالآية ]( {[16564]} ) على تملك أهل الحرب أموال المسلمين إذا أحرزوها حين( {[16565]} ) قال : { لم ينالوا خيرا } أي مالا .
وجائز أن يكون قوله : { لم ينالوا خيرا } أي سرورا بما كانوا يأملون ، ويطمعون هلاك المؤمنين على أيديهم لما أحاطوا بهم ، وضيقوا عليهم الأمر حتى احتاجوا إلى الخندق ، فكانوا في أيديهم . يقول : إنهم لم ينالوا ذلك السرور الذي كانوا يأملون ، ويرجونه ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وكفى الله المؤمنين القتال } حين( {[16566]} ) بعث عليهم الريح ، وسلط عليهم الملائكة حتى هزموهم ، حتى كفوا القتال والحرب معهم .
[ وقوله تعالى ]( {[16567]} ) : { وكان الله قويا عزيزا } لأنه قوي بذاته ، لا يلحقه ذل . وإن لحق أولياءه الذل والضعف ، فليس كملوك الأرض إذا ذهب أصحابهم ، أو دخل فيهم ذل وضعف ذل ملكهم لأنه عزيز بجنده وحشمه فأما الله سبحانه فقوي بذاته لا يلحقه ذل ولا ضعف بذهاب أوليائه .
وقال بعضهم في قوله : { رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } [ الأحزاب : 23 ] كان رجال فاتهم يوم بدر ، فقالوا : لئن حضرنا قتالا لنفعلن ، ولنفعلن . فلما كان يوم الأحزاب قاتلوا . فذلك قوله : { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه } أي مات على ما شاهد الله عليه : { ومنهم من ينتظر } يوما آخر ، يكون فيه قتال ، فيقاتل على ما عاهد الله عليه { وما بدلوا تبديلا } [ الأحزاب : 23 ] .
وفي حرف أبي : ومنهم من بدل ، فيرجع ذلك على المنافقين الذين ذكرنا بدءا .
وقال القتبي : { إن بيوتنا عورة } [ الأحزاب : 13 ] أي خالية . وأصل العورة ما ذهب عنه الستر والحفظ . فكان الرجال /426-أ/ سترا وحفظا للبيوت . فإذا ذهبوا اعورت البيوت . تقول العرب : اعور المنزل ، أي ذهب ستره ، وسقط جداره ، واعور الفارس إذا بدا فيه موضع خلل للضرب بالسيف . يقول الله تعالى : { وما هي بعورة } لأن الله حافظها ، ولكن يريدون الفرار . وقوله : { ولو دخلت عليهم من أقطارها } أي من جوانبها { ثم سئلوا الفتنة } أي الكفر لآتوها( {[16568]} ) أي أعطوها من أرادها( {[16569]} ) { وما تلبثوا بها إلا يسيرا } أي بالمدينة . ومن قرأها { لأتوها } [ الأحزاب : 14 ] بغير مد أراد لصاروا إليها .
وقال أبو عوسجة : قولهم : { إن بيوتنا عورة } من ناحية العدو ، والعورة الموضع الذي يخاف منه . وقوله : { أقطارها } أي نواحيها ، الواحد قطر { ثم سئلوا الفتنة } أي عرضت عليهم ، وهو الكفر .
وقال القتبي : { سلقوكم بألسنة حداد } [ الأحزاب : 19 ] يقول : آذوكم بالكلام . يقال : خطيب سليق وسلاّق . وفيه لغة أخرى : صلقوكم بالصاد( {[16570]} ) ، وهو الضرب . وأبو عوسجة يقول قريبا منه : سلقوكم أي كلموكم ، فضربوكم بألسنة حداد أي طوال . السلق الضرب ، والحاطب السلاّق ، والمسلاق من هذا ، وهو طول اللسان والجرأة على الكلام وقوله : { لا مَقام لكم } [ الأحزاب : 13 ] بنصب( {[16571]} ) الميم لا يكون إلا من القيام : { لا مُقام لكم } برفع الميم يكون من الإقامة ، وهو قول أبي عوسجة . وأبو عبيدة يقول : { لا مُقام لكم } أي ليس مُقام لكم تقومون فيه { لا مُقام } أي لا إقامة لكم .
وقال أبو عوسجة : المَقامة المجلس ، ومقامات جمع المَقام موضع القدمين ، والمُقام الموضع الطي يقيم فيه الرجل . وقال : { المعوّقين } قال : المتعوَّق المحتبس ، والمعوِّق الذي يعوِّق غيره ، أي يُحبِّس . وقوله : { أشحّة عليكم } [ الأحزاب : 19 ] أي حراصا على ما نالكم من الشر . الواحد شحيح . يقال : شح يشح شحا ، فهو شحيح ، أي حرص يحرَص حِرصا ، فهو حريص .
وقال غيره : { أشحّة عليكم } أي بخلاء ، لا ينفقون عليكم أو في سبيل الله .
وقال بعضهم : { يحسبون الأحزاب لم يذهبوا } [ الأحزاب : 20 ] من شدة الفرق [ فهم هؤلاء المعوَّقون اليهود والمنافقون { وإن يأت الأحزاب } والأحزاب : هم الفرق ]( {[16572]} ) أعداء رسول الله وأصحابه : { يودوا لو أنهم بادون في الأعراب } يقول : خارجون في الأعراب من الرهبة : { يسألون عن أنبائكم } يسألون عن خبر المؤمنين ساعة بعد ساعة جزعا ورهبة . يقول الله للمؤمنين : { ولو كانوا فيكم } أي معكم عند القتال ، هؤلاء الذين تقدم ذكرهم : { ما قاتلوا إلا قليلا } رميا بالحجارة من ضعفهم وفرقهم ، وما ذكرنا دفعا عن أنفسهم ، وأما غيره فلا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.