السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيۡظِهِمۡ لَمۡ يَنَالُواْ خَيۡرٗاۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزٗا} (25)

ثم بين تعالى بعض ما جزاهم الله تعالى بصدقهم بقوله تعالى : { ورد الله } أي : بما له من صفات الكمال { الذين كفروا } وهم من تحزب من العرب وغيرهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلادهم عن المدينة ومضايقة المؤمنين حال كونهم { بغيظهم } أي : متغيظين لم يشف صدورهم بنيل ما أرادوا ، بل تفرقوا عن غير طائل حال كونهم { لم ينالوا خيراً } لا من الدين ولا من الدنيا بل ذلاً وندامة فهو حال ثانية ، أو حال من الحال الأولى فهي متداخلة { وكفى الله } أي : الذي له العزة والكبرياء { المؤمنين القتال } بما ألقى في قلوبهم من الداعية للانصراف بالريح والجنود من الملائكة وغيرهم ، منهم نعيم بن مسعود لما تقدم من الحيلة التي فعلها .

قال سعيد بن المسيب : لما كان يوم الأحزاب حصر النبي صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى كل امرئ منهم الكرب ، وحتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : «اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك ، اللهم إنك إن تشأ لا تعبد » ، فبينما هم على ذلك إذ جاء نعيم بن مسعود الأشجعي وكان يأمنه الفريقان جميعاً فخذل بين الناس فانطلق الأحزاب منهزمين من غير قتال فذلك قوله تعالى : { وكفى الله المؤمنين القتال } { وكان الله } أي : الذي له صفات الكمال أزلاً وأبداً { قوياً } على إحداث ما يريد { عزيزاً } غالباً على كل شيء .