الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗاۖ فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخۡتِمۡ عَلَىٰ قَلۡبِكَۗ وَيَمۡحُ ٱللَّهُ ٱلۡبَٰطِلَ وَيُحِقُّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (24)

قوله تعالى : " أم يقولون افترى على الله كذبا " الميم صلة ، والتقدير أيقولون افترى . واتصل الكلام بما قبل ؛ لأن الله تعالى لما قال : " وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب " {[13505]} [ الشورى : 15 ] ، وقال : " الله الذي أنزل الكتاب بالحق " {[13506]} [ الشورى : 17 ] قال إتماما للبيان : " أم يقولون افترى على الله كذبا " يعني كفار قريش قالوا : إن محمدا اختلق الكذب على الله . " فإن يشأ الله " شرط وجوابه " يختم على قلبك " قال قتادة : يطبع على قلبك فينسيك القرآن ، فأخبرهم الله أنه لو افترى عليه لفعل بمحمد ما أخبرهم به في هذه الآية . وقال مجاهد ومقاتل : " إن يشاء الله " يربط على قلبك بالصبر على أذاهم حتى لا يدخل قلبك مشقة من قولهم . وقيل : المعنى إن يشأ يزل تمييزك . وقيل : المعنى لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا لطبع على قلبك . قاله ابن عيسى . وقيل : فإن يشأ الله يختم على قلوب الكفار وعلى ألسنتهم وعاجلهم بالعقاب . فالخطاب له والمراد الكفار ، ذكره القشيري . ثم ابتدأ فقال : " ويمح الله الباطل " قال ابن الأنباري : " يختم على قلبك " تام . وقال الكسائي : فيه تقديم وتأخير . مجازه : والله يمحو الباطل ، فحذف منه الواو في المصحف ، وهو في موضع رفع . كما حذفت من قوله : " سندع الزبانية " {[13507]} ، [ العلق : 18 ] ، " ويدع الإنسان " {[13508]} [ الإسراء : 1 1 ] ولأنه عطف على قوله : " يختم على قلبك " . وقال الزجاج : قوله : " أم يقولون افترى على الله كذبا " تمام ، وقوله : " ويمح الله الباطل " احتجاج على من أنكر ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أي لو كان ما أتى به باطلا لمحاه كما جرت به عادته في المفترين . " ويحق الحق " أي الإسلام فيثبته " بكلماته إنه عليم بذات الصدور " أي بما أنزل من القرآن . " إنه عليم بذات الصدور " عام ، أي بما في قلوب العباد . وقيل خاص . والمعنى أنك لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا لعلمه وطبع على قلبك .


[13505]:آية 15 من هذه السورة.
[13506]:آية 17 من هذه السورة.
[13507]:آية 18 سورة العلق.
[13508]:آية 11 سورة الإسراء.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗاۖ فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخۡتِمۡ عَلَىٰ قَلۡبِكَۗ وَيَمۡحُ ٱللَّهُ ٱلۡبَٰطِلَ وَيُحِقُّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (24)

{ أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور }

{ أم } بل { يقولون افترى على الله كذباً } بنسبة القرآن إلى الله تعالى { فإن يشأ الله يختم } يربط { على قلبك } بالصبر على أذاهم بهذا القول وغيره ، وقد فعل { ويَمْحُ الله الباطل } الذي قالوه { ويحق الحق } يثبته { بكلماته } المنزلة على بنيه { إنه عليم بذات الصدور } بما في القلوب .