الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{بِأَييِّكُمُ ٱلۡمَفۡتُونُ} (6)

" بأيكم المفتون " الباء زائدة ، أي فستبصر ويبصرون أيكم المفتون . أي الذي فتن بالجنون ؛ كقوله تعالى : " تنبت بالدهن{[15227]} " [ المؤمنون : 20 ] و " يشرب بها عباد الله{[15228]} " [ الإنسان : 6 ] . وهذا قول قتادة وأبي عبيد والأخفش . وقال الراجز :

نحن بنو جَعْدَة أصحاب الفَلَجْ *** نضربُ بالسيف ونرجو بالفَرَج{[15229]}

وقيل : الباء ليست بزائدة ، والمعنى : " بأيكم المفتون " أي الفتنة . وهو مصدر على وزن المفعول ، ويكون معناه الفُتُون ، كما قالوا : ما لفلان مجلود ولا معقول ، أي عقل ولا جلادة . وقاله الحسن والضحاك وابن عباس . وقال الراعي :

حتى إذا لم يتركوا لعظامه *** لحما ولا لفؤاده معقولا

أي عقلا . وقيل في الكلام تقدير حذف مضاف ، والمعنى : بأيكم فتنة المفتون . وقال الفراء : الباء بمعنى في ، أي فستبصر ويبصرون في أي الفريقين المجنون ، أبالفرقة التي أنت فيها من المؤمنين ، أم بالفرقة الأخرى . والمفتون : المجنون الذي فتنه الشيطان . وقيل : المفتون المعذب . من قول العرب : فتنت الذهب بالنار إذا حميته . ومنه قوله تعالى : " يوم هم على النار يفتنون{[15230]} " [ الذاريات : 13 ] أي يعذبون .

ومعظم السورة نزلت في الوليد بن المغيرة وأبي جهل . وقيل : المفتون هو الشيطان ؛ لأنه مفتون في دينه . وكانوا يقولون : إن به شيطانا ، وعنوا بالمجنون هذا ، فقال الله تعالى : فسيعلمون غدا بأيهم المجنون ، أي الشيطان الذي يحصل من مسه الجنون واختلاط العقل .


[15227]:راجع جـ 12 ص 114.
[15228]:راجع جـ 19 ص 124.
[15229]:الفلج (بفتح الفاء واللام): مدينة بأرض اليمامة لبني جعدة. ويجوز فيه: *نحن بني... * بالنصب على الاختصاص. (راجع الشاهد التاسع والثمانين بعد السبعمائة في خزانة الأدب).
[15230]:راجع جـ 17 ص 31.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{بِأَييِّكُمُ ٱلۡمَفۡتُونُ} (6)

5

واختلف في الباء في قوله : { بأيكم } على أربعة أقوال :

الأول : أنها زائدة .

الثاني : أنها غير زائدة ، والمعنى بأيكم الفتنة ، فأوقع المفتون موقع الفتنة ، كقولهم ماله معقول أي : عقل .

الثالث : أي : الباء بمعنى في ، والمعنى في أي فريق منكم المفتون ، واستحسن ابن عطية هذا .

الرابع : أن المعنى بأيكم فتنة المفتون ، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{بِأَييِّكُمُ ٱلۡمَفۡتُونُ} (6)

{ بأيكم المفتون }

{ بأيكم المفتون } مصدر كالمعقول ، أي الفتون بمعنى الجنون ، أي أبك أم بهم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{بِأَييِّكُمُ ٱلۡمَفۡتُونُ} (6)

قوله : { بأييّكم المفتون } الباء زائدة للتأكيد . يعني ستعلم ويعلمون من الذي فتن ، أو مال عن الحق وضل عن سبيل الله المستقيم . وقيل : المفتون معناه المجنون .