الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

فيه ثلاث مسائل :

الأولى- لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ونحن أيضا نكلمهن من وراء حجاب ؟ فنزلت هذه الآية .

الثانية- ذكر الله تعالى في هذه الآية من يحل للمرأة البروز له ، ولم يذكر العم والخال لأنهما يجريان مجرى الوالدين . وقد يسمى العم أبا ، قال الله تعالى : " نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل " {[12907]} [ البقرة : 133 ] وإسماعيل كان العم . قال الزجاج : العم والخال ربما يصفان المرأة لولديهما ، فإن المرأة تحل لابن العم وابن الخال فكره لهما الرؤية . وقد كره الشعبي وعكرمة أن تضع المرأة خمارها عند عمها أو خالها . وقد ذكر في هذه الآية بعض المحارم وذكر الجميع في سورة " النور " ، فهذه الآية بعض تلك ، وقد مضى الكلام هناك مستوفى{[12908]} ، والحمد لله .

الثالثة- قوله تعالى : " واتقين الله " لما ذكر الله تعالى الرخصة في هذه الأصناف وانجزمت الإباحة ، عطف بأمرهن بالتقوى عطف جملة . وهذا في غاية البلاغة والإيجاز ، كأنه قال : اقتصرن على هذا واتقين الله فيه أن تتعدينه إلى غيره . وخص النساء بالذكر وعنهن في هذا الأمر ، لقلة تحفظهن وكثرة استرسالهن . والله أعلم . ثم توعد تعالى بقوله : " إن الله كان على كل شيء شهيدا " .


[12907]:راجع ج 2 ص 138.
[12908]:راجع ج 12 ص 226.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

{ لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن } الآية : لما أوجب الله الحجاب أباح لهن الظهور لذوي محارمهن من القرابة وهم : الآباء ، والأبناء ، والإخوة ، وأولادهم ، وأولاد الأخوات .

{ ولا نسائهن } قيل : يريد بالنساء القرابة والمصرفات لهن ، وقيل : يريد نساء جميع المؤمنات ، ويقوي الأول تخصيص النساء بالإضافة لهن ؛ ويقوي الثاني أنهن كن لا يحتجبن من النساء على الإطلاق .

{ وما ملكت أيمانهن } واختلف فيمن أبيح لهن الظهور له من ملك اليمين ، فقيل : الإماء دون العبيد ، وقيل : الإماء والعبيد ، وهو أولى بلفظ الآية ، ثم اختلف من ذهب إلى هذا فقال : قوم من ملكنه من العبيد دون من ملكه غيرهن ، وهذا هو الظاهر من لفظ الآية ، وقال قوم : جميع العبيد كن في ملكهن أو في ملك غيرهن .