الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلۡأَفۡـِٔدَةِ} (7)

{ التي تطلع على الأفئدة } قال محمد بن كعب : تأكل النار جميع ما في أجسادهم ، حتى إذا بلغت إلى الفؤاد ، خلقوا خلقا جديدا ، فرجعت تأكلهم . وكذا روى خالد بن أبي عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن النار تأكل أهلها ، حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت ، ثم إذا صدروا تعود ، فذلك قوله تعالى : { نار الله الموقدة . التي تطلع على الأفئدة } " . وخص الأفئدة ؛ لأن الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه . أي إنه في حال من يموت وهم لا يموتون ، كما قال الله تعالى : { لا يموت فيها ولا يحيى }{[16369]} [ طه : 74 ] فهم إذاً أحياء في معنى الأموات . وقيل : معنى { تطلع على الأفئدة } أي تعلم مقدار ما يستحقه كل واحد منهم من العذاب ، وذلك بما استبقاه الله تعالى من الأمارة الدالة عليه . ويقال : اطلع فلان على كذا : أي علمه . وقد قال الله تعالى : { تدعوا من أدبر وتولى }{[16370]} [ المعارج : 17 ] . وقال تعالى : { إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا }{[16371]} [ الفرقان : 12 ] . فوصفها بهذا ، فلا يبعد أن توصف بالعلم .


[16369]:آية 74 سورة طه.
[16370]:آية 17 سورة المعارج.
[16371]:آية 12 سورة الفرقان.