فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لَأٓتِيَةٞۖ فَٱصۡفَحِ ٱلصَّفۡحَ ٱلۡجَمِيلَ} (85)

{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ( 85 ) }

{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ } متلبسة { بِالْحَقِّ } وهو ما فيهما من الفوائد والمصالح ، ولذلك اقتضت الحكمة إهلاك أمثال هؤلاء دفعا لفسادهم وإرشادا لمن بقي إلى الصلاح ، وقيل المراد بالحق مجازاة المحسن بإحسانه والمسيء بإسائته كما في قوله سبحانه : { ولله ما في السموات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى } . وقيل المراد بالحق الزوال لأنها مخلوقة وكل مخلوق زائل .

{ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ } وعند إتيانها ينتقم الله ممن يستحق العذاب ، ويحسن إلى من يستحق الإحسان ، وفيه وعيد للعصاة والتهديد ، ثم أمر الله سبحانه رسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يصفح عن قومه فقال : { فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ } أي تجاوز عنهم واعف عفوا حسنا ، وقيل فأعرض عنهم إعراضا جميلا ولا تعجل عليهم بالانتقام وعاملهم معاملة الصفوح الحليم .

قال علي : الصفح الجميل الرضا بغير عتاب ؛ وعن ابن عباس مثله وعن مجاهد قال : هذه الآية قبل القتال : وعن عكرمة مثله ، يعني هذا منسوخ بآية السيف وفيه بعد ، لأن الله أمر نبيه أن يظهر الخلق الحسن وأن يعاملهم بالعفو والصفح الخالي من الجزع والخوف والأمر بالصفح الجميل لا ينافي قتالهم .