فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لَأٓتِيَةٞۖ فَٱصۡفَحِ ٱلصَّفۡحَ ٱلۡجَمِيلَ} (85)

{ وَمَا خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بالحق } أي : متلبسة بالحق ، وهو ما فيهما من الفوائد والمصالح ، وقيل : المراد بالحق مجازاة المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته كما في قوله سبحانه : { وَللَّهِ مَا فِي * السماوات وَمَا فِي الأرض * لِيَجْزِىَ الذين أَسَاءوا بِمَا عَمِلُوا وَيِجْزِى الذين أَحْسَنُوا بالحسنى } [ النجم : 31 ] . وقيل : المراد بالحق : الزوال ؛ لأنها مخلوقة وكل مخلوق زائل { وَإِنَّ الساعة لآتِيَةٌ } وعند إتيانها ينتقم الله ممن يستحق العذاب ، ويحسن إلى من يستحق الإحسان ، وفيه وعيد للعصاة وتهديد ، ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يصفح عن قومه ، فقال : { فاصفح الصفح الجميل } أي : تجاوز عنهم واعف عفواً حسناً . وقيل : فأعرض عنهم إعراضاً جميلاً ولا تعجل عليهم ، وعاملهم معاملة الصفوح الحليم . قيل : وهذا منسوخ بآية السيف .

/خ86