السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لَأٓتِيَةٞۖ فَٱصۡفَحِ ٱلصَّفۡحَ ٱلۡجَمِيلَ} (85)

ولما ذكر تعالى هذه القصص تسلية لنبيه صلى الله عليه وسلم فإنه إذا سمع أنّ الأمم السالفة كانوا يعاملون أنبياء الله بمثل هذه المعاملات سهل تحمل تلك السفاهة قال تعالى : { وما خلقنا السماوات والأرض } أي : على ما لها من العلوّ والسعة والأرض على ما لها من المنافع والغرائب { وما بينهما } من هؤلاء المشركين المكذبين وعذابهم ومن المياه والرياح والسحاب المسبب عنه النبات وغير ذلك { إلا بالحق } أي : إلا خلقاً ملتبساً بالحق فيتفكر فيه من وفقه الله تعالى ليعلم النشأة الآخرة بهذه النشأة الأولى { وإن الساعة } أي : القيامة { لآتية } لا محالة فيجازي الله تعالى كل أحد بعمله ثم إنه تعالى لما صبره على أذى قومه رغبّه بعد ذلك في الصفح عن سيئاتهم بقوله تعالى : { فاصفح الصفح الجميل } أي : أعرض عنهم إعراضاً لا جزع فيه ولا تعجل بالانتقام منهم وهذا منسوخ بآية السيف . قال الرازي : وهو بعيد لأنّ المقصود من ذلك أن يظهر الخلق الحسن والصفو والصفح فكيف يصير منسوخاً اه . والأوّل جرى عليه البغوي وجماعة من المفسرين ثم علل تعالى هذا الأمر بقوله : { إنّ ربك } .