الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمۡۚ إِن تَكُونُواْ صَٰلِحِينَ فَإِنَّهُۥ كَانَ لِلۡأَوَّـٰبِينَ غَفُورٗا} (25)

قوله تعالى : " ربكم أعلم بما في نفوسكم " أي من اعتقاد الرحمة بهما والحنو عليهما ، أو من غير ذلك من العقوق ، أو من جعل ظاهر برهما رياء . وقال ابن جبير : يريد البادرة التي تبدر ، كالفلتة والزلة ، تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما ، لا يريد بذلك بأسا ، قال الله تعالى : " إن تكونوا صالحين " أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة . وقوله : " فإنه كان للأوابين غفورا " وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة إلى طاعة الله سبحانه وتعالى . قال سعيد بن المسيب : هو العبد يتوب ثم يذنب ثم يتوب ثم يذنب . وقال ابن عباس رضي الله عنه : الأواب : الحفيظ الذي إذا ذكر خطاياه استغفر منها . وقال عبيد بن عمير : هم الذين يذكرون ذنوبهم في الخلاء{[10200]} ثم يستغفرون الله عز وجل . وهذه الأقوال متقاربة . وقال عون العقيلي : الأوابون هم الذين يصلون صلاة الضحى . وفي الصحيح : ( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ){[10201]} . وحقيقة اللفظ من آب يؤوب إذا رجع .


[10200]:الخلاء: الخلوة.
[10201]:هي أن تحمي الرمضاء وهي الرمل، فتبرك الفصال من شدة حرها وإحراقها أخفافها.