اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمۡۚ إِن تَكُونُواْ صَٰلِحِينَ فَإِنَّهُۥ كَانَ لِلۡأَوَّـٰبِينَ غَفُورٗا} (25)

قال تعالى : { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ } من برِّ الوالدين وعقوقهما { إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ } ، أي : إنَّا قد أمرناكم في هذه الآية بإخلاص العبادة لله ، وبالإحسان بالوالدين ، ولا يخفى على الله ما تضمرونه في أنفسكم من الإخلاص وعدم الإخلاص ، فالله تعالى مطلع على ما في نفوسكم .

{ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ } أي : إن كنتم برآء عن جهة الفساد في أحوال قلوبكم ، وكنتم أوَّابين ، أي : راجعين إلى الله ، فإنَّ حكم الله في الأوَّابين أنَّه غفورٌ لهم ، يكفِّر عنهم سيئاتهم .

والأوَّابُ : على وزن فعَّال ، وهو يفيد المداومة والكثرة ؛ كقولهم : قتَّال ، وضرَّاب .

قال سعيد بن المسيِّب - رحمه الله- : الأوَّاب الذي يذنب ، ثم يتوب{[20357]} . وقال سعيد بن جبيرٍ : هو الرجَّاع إلى الخير{[20358]} .

وقال ابن عباس - رضي الله عنه- : هو الرجَّاع إلى الله تعالى فيما ينوبه{[20359]} . وعنه أيضاً قال : هم المسبِّحون ؛ لقوله تعالى : { ياجبال أَوِّبِى مَعَهُ }{[20360]} [ سبأ : 10 ] .

وقال قتادة : المصلُّون{[20361]} .

وقيل : هو الرجل تكون منه البادرة إلى أبويه ، لا يريد بذلك الخير ، فإنَّه لا يؤخذ به .

وقال عونٌ العقيلي : هم الذين يصلُّون صلاة الضحى{[20362]} ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى أهل قباء ، وهُم يُصلُّونَ الضحى ، فقال : صلاةُ الأوَّابين إذا رمضت الفصال من الضحى{[20363]} .

ورُوِيَ عن ابن عبَّاس أنه قال : إنَّ الملائكةَ لتحفُّ بالذين يصلُّون بين المغرب والعشاء ، وهي صلاة الأوَّابين{[20364]} .


[20357]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (8/65).
[20358]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/311) وعزاه إلى ابن أبي الدنيا والبيهقي في "شعب الإيمان".
[20359]:ذكره البغوي في "تفسيره" (3/111).
[20360]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (8/64) وينظر: المصدر السابق.
[20361]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (8/64).
[20362]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (8/64)
[20363]:أخرجه مسلم (1/156) كتاب صلاة المسافرين: باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال حديث (1440/748) من حديث زيد بن أرقم.
[20364]:ذكره البغوي في "تفسيره" (3/112).