تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمۡۚ إِن تَكُونُواْ صَٰلِحِينَ فَإِنَّهُۥ كَانَ لِلۡأَوَّـٰبِينَ غَفُورٗا} (25)

الآية25 : وقوله تعالى : { ربكم أعلم بما في نفوسكم } قال بعضهم ، قوله : { ربكم أعلم بما في نفوسكم } من إسرار المحبة لهما والبر والكرامة ، وقال ( بعضهم ){[10803]} : قوله { ربكم أعلم بما في نفوسكم } أي أعلم ( بما تعلمه ){[10804]} نفوسكم ، وهو كما قال عيسى : { تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك }( المائدة : 116 )أي تعلم ما تعلمه{[10805]} نفسي { ولا أعلم ما في نفسك } من التدبير والتقدير . فعلى ذلك هذا .

وجائز أن يكون قوله : { ربكم أعلم بما في نفوسكم } صلة قوله : { فلا تقل لهما أف }الآية ، أي ربكم أعلم بما في ضميركم من الاستقذار إياهما والاستثقال والكراهة إذا بلغا{[10806]} المبلغ الذي ذكر . ولكن لا تظهر ذلك لهما ، ولا توافق ظاهرك باطنك ، أو أن يقول { ربكم أعلم بما في نفوسكم } فراءوا {[10807]} الناس ، ولا تصرفوا ما في ضميركم إلا من لا يعلم ذلك ، يخاطب الكل على الابتداء ألا يجعل ما في قلبه لغيره ، بل يخلص له ، أو أن يكون قوله : { ربكم أعلم بما في نفوسكم } أي ما تعلمه{[10808]} أنفسكم وتدبره{[10809]} .

وقوله تعالى : { إن تكونوا صالحين } أي تصيروا صالحين ، لأن قوله : { تكونوا } إنما هو في حادث الوقت .

وقوله تعالى : { فإنه كان للأوابين غفورا } يشبه أن يكون قوله { إن تكونوا صالحين فإنه كان لأوابين غفورا } للأوابين ولمن يشاء . ثم اختلف في الأواب : قال بعضهم الأواب الرجاع التواب ، وهو قوال أبي عوسجة . قال القتبي : الأواب التائب مرة بعد مرة ، وهو من تاب يؤوب ، وهما واحد . وقال بعضهم : الأواب المطيع ، وقيل : المُسَبِّحُ ونحوه .

وقال أبو عوسجة في قوله : { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } أي لن لهما ، وأرفق بهما ، ذكر بر الإنسان للوالدين ولطفه بِهِمَا{[10810]} ، قولا وفعلا .

وليس في ظاهر الآية ذكر البر بالمال/299-ب/والإنفاق عليهما . فيشبه أن يكون ذلك داخلا في قوله : { وبالوالدين إحسانا }( الإسراء : 23 )أولم يذكر ذلك لما أن مال{[10811]}الولد مال لهما .

ألا ترى إلى ما روي عن جابر بن عبد الله ( أنه ){[10812]} قد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبوه ، فقال : يا رسول الله إن لي مالا ، وإن لي أبا ، وله مال ، وإن أبي يريد أن يأخذ مالي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم( أنت ومالك لأبيك( ؟ ( ابن ماجة : 2292 )

أولا ترى أيضا أنه أضاف بيوت الولد إليهما حين{[10813]} قال : { أن تأكلوا من بيوتكم }( النور : 61 )معناه بيوت أبنائكم .

وقال بعضهم{[10814]} في قوله : { فإنه كان للأوابين غفورا }إنه ( يغفر ترك ){[10815]}صلاة الضحى . ويروي في ذلك خبرا ( عن ){[10816]} زيد بن أرقم ( أنه ){[10817]} قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم على قوم ، وهم يصلون الضحى ، فقال : ( صلاة الضحى إذا رمضت الفصال من الضحى )( بنحوه مسلم748 )وفي خبر آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه ( أنه ){[10818]} قال : ( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث : أمرني أن أصوم ثلاثا في كل شهر وألا أنام إلا على وتر وأن أصلي ركعتي الضحى فإنها صلاة الأوابين )( التمهيد8/141 )

ورويت{[10819]} أحاديث كثيرة في الحث على صلاة الضحى وفعلها وأنه صلى هو ركعتين وأربعا وستا وثماني ما يكثر ذكرها ، ويطول ، ومن صلاها فإنما صلاها على سبيل التطوع ليس على سبيل اللزوم الواجب أو السنة المؤكدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها مرة ، فكانت كصلاة الليل يدرك فاعلها الفضل .


[10803]:ساقطة من الأصل و.م.
[10804]:و.م: ما تفعله.
[10805]:في الأصل و.م: تفعله.
[10806]:في الأصل و.م: بلغ.
[10807]:في الأصل و.م: يرون.
[10808]:في الأصل و.م: تفعله.
[10809]:في الأصل و.م: وتدبرها.
[10810]:في الأصل و م : إياهما
[10811]:في الأصل و.م : المال.
[10812]:ساقطة من الأصل و.م.
[10813]:في الأصل و م : حيث.
[10814]:في الأصل و.م: بعض.
[10815]:ساقطة من الأصل و.م.
[10816]:ساقطة من الأصل و.م.
[10817]:ساقطة من الأصل و.م.
[10818]:ساقطة من الأصل: و.م.
[10819]:في الأصل و.م: وقد يروى.