السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمۡۚ إِن تَكُونُواْ صَٰلِحِينَ فَإِنَّهُۥ كَانَ لِلۡأَوَّـٰبِينَ غَفُورٗا} (25)

ولما كان ما ذكر في حق الوالدين عسراً جدّا يحذر من التهاون به أشار بقوله تعالى : { ربكم } أي : المحسن إليكم في الحقيقة فإنه هو الذي عطف عليكم من يربيكم وهو الذي أعانهم على ذلك { أعلم } أي : من كل أحد { بما في نفوسكم } من قصد البرّ بهما وغيره ، فلا يظهر أحدكم غير ما يبطن فإنّ ذلك لا ينفعه ولا ينجيه إلا أن يحمل نفسه على ما يكون سبباً لرحمتهما { إن تكونوا صالحين } أي : متقين محسنين في نفس الأمر والصلاح استقامة الفعل على ما يدعو الدليل إليه . وأشار تعالى إلى أنه لا يكون ذلك إلا بمعالجة النفس وترجيعها كرة بعد كرّة بقوله تعالى : { فإنه كان للأوابين } أي : الرجاعين إلى الخير مرّة إثر مرّة بعد جماح أنفسهم عنه { غفوراً } أي : بالغ الستر بمن وقع منه تقصير فرجع عنه فإنه مغفور له .