الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{حُنَفَآءَ لِلَّهِ غَيۡرَ مُشۡرِكِينَ بِهِۦۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخۡطَفُهُ ٱلطَّيۡرُ أَوۡ تَهۡوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٖ سَحِيقٖ} (31)

السابعة- قوله تعالى : " حنفاء لله " معناه مستقيمين أو مسلمين مائلين إلى الحق . ولفظة " حنفاء " من الأضداد تقع على الاستقامة وتقع على الميل . و " حنفاء " نصب على الحال . وقيل : " حنفاء " حجاجا ، وهذا تخصيص لا حجة معه . الثامنة- " ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء " أي هو يوم القيامة بمنزلة من لا يملك لنفسه نفعا ولا يدفع عن نفسه ضرا ولا عذابا ، فهو بمنزلة من خر من السماء ، فهو لا يقدر أن يدفع عن نفسه . ومعنى " فتخطفه الطير " أي تقطعه بمخالبها . وقيل : هذا عند خروج روحه وصعود الملائكة بها إلى سماء الدنيا ، فلا يفتح لها فيرمى بها إلى الأرض ، كما في حديث البراء ، وقد ذكرناه في التذكرة . والسحيق : البعيد ، ومنه قوله تعالى : " فسحقا لأصحاب السعير " {[11508]} [ الملك : 11 ] ، وقوله عليه الصلاة والسلام : ( فسحقا فسحقا ) .


[11508]:راجع ج 18 ص 212.