مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{حُنَفَآءَ لِلَّهِ غَيۡرَ مُشۡرِكِينَ بِهِۦۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخۡطَفُهُ ٱلطَّيۡرُ أَوۡ تَهۡوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٖ سَحِيقٖ} (31)

{ حُنَفَاء للَّهِ } مسلمين { غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ } حال كحنفاء { وَمَن يُشْرِكْ بالله فَكَأَنَّمَا خَرَّ } سقط { مّنَ السماء } إلى الأرض { فَتَخْطَفُهُ الطير } أي تسلبه بسرعة { فتخطّفه } أي تتخطفه مدني { أَوْ تَهْوِي بِهِ الريح } أي تسقطه والهوي السقوط { فِى مَكَانٍ سَحِيقٍ } بعيد . يجوز أن يكون هذا تشبيهاً مركباً ، ويجوز أن يكون مفرقاً . فإن كان تشبيهاً مركباً فكأنه قال : من أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكاً ليس بعده بأن صور حاله بصورة حال من خر من السماء فاختطفته الطير فتفرق قطعاً في حواصلها ، أو عصفت به الريح حتى هوت به في بعض المهالك البعيدة . وإن كان مفرقاً فقد شبه الإيمان في علوه بالسماء ، والذي أشرك بالله بالساقط من السماء . والأهواء المردية بالطير المتخطفة والشيطان الذي هو يوقعه في الضلال بالريح التي تهوي بما عصفت به في بعض المهاوي المتلفة .