التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{حُنَفَآءَ لِلَّهِ غَيۡرَ مُشۡرِكِينَ بِهِۦۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخۡطَفُهُ ٱلطَّيۡرُ أَوۡ تَهۡوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٖ سَحِيقٖ} (31)

قوله : ( حنفاء لله غير مشركين به ) ( حنفاء ) ، منصوب على الحال ، من الضمير في اجتنبوا . وكذلك ، ( غير ) ، منصوب على الحال{[3109]} و ( حنفاء ) ، جمع حنيف وهو المسلم المائل إلى الدين المستقيم{[3110]} فالمراد بالحنفاء ، المسلمون المائلون إلى الحق ، المستقيمون على الحنيفية السمحة وهي ملة التوحيد .

قوله : ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) هذا مثل فيه من روعة المفردات وعجيب التناسق بين الكلمات المنسجمة ما يرسم للخيال صورة مثيرة تكشف عن فداحة الخسران لهذا التاعس الخاسر . مثل ، يضربه الله لحال الشرك في ضلال مسعاه وفساد قصده ؛ إذ يتيه ضالا متخبطا وهو يعبد من دون الله آلهة مصطنعة موهومة ، فمثله كمن انحط ساقطا من أعالي الدرجات إلى الأسافل ، فتظفر به الطير ثم تقطعه تقطيعا أو تعصف به الريح فتهوي به في المهاوي الموغلة في البعد .

وذلك هو شأن الذي يتخبط ساقطا من معالي الإيمان والهداية إلى حضيض الضلال والغواية{[3111]} .


[3109]:- البيان لابن الأنباري جـ2 ص 175.
[3110]:- القاموس المحيط جـ4 ص 134 والمصباح المنير جـ1 ص 167.
[3111]:-الكشاف جـ3 ص 12 وفتح القدير جـ3 ص 451.