{ حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ( 31 ) ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ( 32 ) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ( 33 ) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ( 34 ) } .
{ حُنَفَاء لِلَّهِ } أي مستقيمين على الحق أو مائلين إلى الحق مسلمين عادلين عن كل دين سوى دينه ، ولفظ حنفاء من الأضداد يقع على الاستقامة ، ويقع على الميل ، وقيل معناه حجاجا قاله ابن عباس .
وعن أبي بكر الصديق نحوه ولا وجه لهذا { غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ } شيئا من الأشياء كما يفيده الحذف من العموم تأكيد لما قبله ، وهما حالان من الواو في اجتنبوا ، والأولى مؤسسة ، والثانية مؤكدة ، قيل إن أهل الجاهلية كانوا يحجون مشركين ، فلما أظهر الله الإسلام قال الله للمسلمين : حجوا الآن غير مشركين به .
{ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ } مبتدأة مؤكدة لما قبلها من الأمر بالاجتناب ، والغرض بهذا ضرب المثل لمن يشرك بالله ، والمعنى أن بعد من أشرك به عن الحق والإيمان { فَكَأَنَّمَا خَرَّ } أي كبعد من سقط { مِنَ السَّمَاء } إلى الأرض ، أي انحط من أوج الإيمان إلى حضيض الكفر .
{ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْر } يقال خطفه يخطفه إذا سلبه ، ومنه قوله : { يخطف أبصارهم } أي تخطف لحمه وتسلبه وتقطعه بمخالبها وتذهب به ، وقرئ بتشديد الطاء وفتحها وبكسر الخاء والطاء وبكسر التاء مع كسرهما .
{ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ } أي تقذفه وترمي به { فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } يقال سحق يسحق سحقا فهو سحيق إذا بعد ، أي بعيد فلا يصل إليه أحد بحال ، قاله الزجاج وقيل شبه حال المشرك بحال الهاوي من السماء لأنه لا يملك لنفسه حيلة حتى يقع حيث تسقطه الريح ، فهو هالك لا محالة ، إما باستلاب الطير لحمه أو بسقوطه في المكان السحيق .
قال الزمخشري : يجوز في هذا التشبيه أن يكون من المركب والمفرق ، فإن كان تشبيها مركبا فكأنه قال : من أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعد هلاك ، بأن صور حاله بصورة حال من خر من السماء فاختطفته الطير متفرقا موزعا في حواصلها ، وعصفت به الريح حتى هوت به في بعض الأماكن البعيدة وإن كان مفرقا ، فقد شبه الإيمان في علوه بالسماء ، والذي ترك الإيمان وأشرك بالله بالساقط من السماء والأهواء المردية بالطير المختطفة ، والشيطان الموقع في الضلال بالريح التي تهوي بما عصفت به في بعض المهاوي المتلفة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.