قوله : «حُنَفَاءَ لِلَّهِ » حال من فاعل «اجْتَنِبوا »{[31084]} ، وكذلك «غَيْرَ مُشْرِكِين »{[31085]} وهي{[31086]} حال مؤكدة إذ يلزم من كونهم «حنفاء » عدم الإشراك أي مخلصين له ، أي تمسكوا بالأوامر والنواهي على وجه العبادة لله{[31087]} وحده لا على وجه إشراك غير الله به ، فلذلك قال { غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ } . ثم قال : { وَمَن يُشْرِكْ بالله فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السماء } أي : سقط من السماء إلى الأرض .
قوله : «فَتَخْطَفُهُ » . قرأ نافع بفتح الخاء والطاء مشددة{[31088]} ، وأصلها تختطفه{[31089]} فأدغم{[31090]} . وباقي السبعة «فتَخْطَفُه » بسكون الخاء وتخفيف الطاء{[31091]} . وقرأ الحسن{[31092]} والأعمش وأبو رجاء بكسر التاء والخاء والطاء مع التشديد{[31093]} . وروي عن الحسن أيضاً{[31094]} بفتح الطاء مشددة مع كسر التاء والخاء{[31095]} . وروي عن الأعمش كقراءة العامة إلا أنه بغير فاء «تخطفه »{[31096]} وتوجيه هذه القراءات قد تقدم في أوائل البقرة عند قوله : { يَكَادُ البرق يَخْطَفُ }{[31097]} [ البقرة : 20 ] . وقرأ أبو جعفر «الرياح » جمعاً{[31098]} .
وقوله : «خَرّ » في معنى ( تخر ) ، ولذلك عطف عليه المستقبل وهو «فتَخْطَفُه » {[31099]} .
ويجوز أن يكون على بابه ولا يكون «فَتَخْطَفُهُ » عطفاً عليه بل هو خبر مبتدأ مضمر أي : فهو تخطفه{[31100]} . قال الزمخشري : يجوز في هذا التشبيه أن يكون من{[31101]} المركب{[31102]} والمفرق{[31103]} فإن كان تشبيهاً مركباً ، فكأنه قال : من أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكاً ليس وراءه إهلاك بأن صور حاله بصورة حال مَنْ خَرّ من السماء فاختطفته الطير فتفرق مُزَعاً{[31104]} في حواصلها ، أو عصفت به الرياح حتى هوت به في بعض المطاوح{[31105]} البعيدة .
وإن كان مفرقاً فقد شبه الإيمان في علوّه بالسماء ، والذي ترك الإيمان وأشرك بالله بالساقط من السماء والأهواء التي تتوزع أفكاره بالطير المختطفة ، والشيطان الذي يطوح به في وادي الضلال بالريح التي تهوي بما عصفت به في بعض المهاوي المتلفة{[31106]} . والسحيق البعيد ، ومنه : سَحَقَهُ الله ، أي : أبعده ، ومنه قول عليه السلام{[31107]} : «سُحْقاً سُحْقاً »{[31108]} أي بُعْداً بُعْداً . والنخلة السحوق الممتدة في{[31109]} السماء من ذلك{[31110]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.