بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{حُنَفَآءَ لِلَّهِ غَيۡرَ مُشۡرِكِينَ بِهِۦۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخۡطَفُهُ ٱلطَّيۡرُ أَوۡ تَهۡوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٖ سَحِيقٖ} (31)

ثم قال عز وجل : { حُنَفَاء للَّهِ } ، يعني : مخلصين مسلمين لله ؛ ويقال : معناه كونوا مخلصين بالتلبية ، لأن أهل الجاهلية كانوا يقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك ، إلا شريك هو لك ، تملكه وما ملك . ويقال : إن هذا القول بالزور الذي أمرهم الله باجتنابه . ثم قال : { غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بالله فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السماء } ، أي وقع من السماء ، { فَتَخْطَفُهُ الطير } ، يعني : تختلسه الطير ، { أَوْ تَهْوِى بِهِ الريح } ، يعني : تذهب به الريح { فِى مَكَانٍ سَحِيقٍ } ، يعني : بعيد ؛ فكذلك الكافر في البعد من الله عز وجل ؛ ويقال : معناه من يشرك بالله ، فقد ذهب أصله . وقال الزجاج : الخطف هو أخذ الشيء بسرعة ، فهذا مثل ضربه الله عز وجل للكافرين في بعدهم من الحق ، فأخبر أن بعد من أشرك من الحق ، كبعد من خر من السماء ، فذهبت به الطير وهوت به الريح في مكان { سَحِيقٍ } ، يعني : بعيد . قرأ نافع : { فَتَخْطَفُهُ الطير } بنصب الخاء والتشديد ، وقرأ الباقون بالجزم والتخفيف من خطف . ومن قرأ بالتشديد ، فلأن أصله فتخطفه فأدغم التاء في الطاء ، وألقيت حركة التاء على الخاء .