الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{حُنَفَآءَ لِلَّهِ غَيۡرَ مُشۡرِكِينَ بِهِۦۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخۡطَفُهُ ٱلطَّيۡرُ أَوۡ تَهۡوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٖ سَحِيقٖ} (31)

ثم قال تعالى : { حنفاء لله غير مشركين به }[ 29 ] .

أي : اجتنبوا ذلك ، ما يليق إلى الحق والتوحيد والإخلاص والإيمان بالله {[46893]} .

ثم قال تعالى ذكره : { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء }[ 29 ] .

أي : مثل من يشرك بالله في بعده من الهدى وإصابة الحق وهلاكه ، مثل من خر من السماء { فتخطفه الطير } أي : فهلك ، أو مثل من { تهوي به الريح في مكان سحيق } ، أي : بعيد .

وقيل {[46894]} : المعنى : من يشرك بالله يكون يوم القيامة بهذه الصفة ، لا يملك لنفسه نفعا ولا يملك له {[46895]} أحد من الخلق نفعا ، ولا يمكنه امتناع مما يناله من عذاب الله ، فكأنه في ذلك بمنزلة من خر من السماء ، ومن هوى لا يقدر لنفسه على دفع ما هو فيه ، فتخطفه الطير وتقطع جسمه بمخالبها ومناقرها ، فهو لا يجد سبيلا إلى دفع ذلك عن نفسه ، وهو بمنزلة من تحمله {[46896]} الريح من موضع مرتفع ، فترمي به في منحدر بعيد {[46897]}/ سحيق ، فشبه الله المشرك بمنزلة هذا الذي خر من السماء ، فهوت به الريح وتخطفته الطير ، فكما لا يملك هذا لنفسه دفع ضر ، وهو فيا الهُوِي ، كذلك المشرك ، يوم القيامة لا يقدر على دفع ما نزل له {[46898]} من العذاب .


[46893]:قوله (ثم قال تعالى... والإيمان بالله) ساقط من ز.
[46894]:القول: للثعلبي في زاد المسير 5/429.
[46895]:ز: لها.
[46896]:ز: تحملها.
[46897]:ز: من مكان.
[46898]:ز: ما أنزل الله.