قوله تعالى : " قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا " الأصل عند سيبويه يا الله ، والميمان بدل من " يا " " ربنا " نداء ثان لا يجيز سيبويه غيره ، ولا يجوز أن يكون نعتا لأنه قد أشبه الأصوات من أجل ما لحقه . " أنزل علينا مائدة " المائدة الخوان الذي عليه الطعام قال قطرب : لا تكون المائدة مائدة حتى يكون عليها طعام فإن لم يكن قيل : خوان وهي فاعلة من ماد عبده إذا أطعمه وأعطاه ، فالمائدة تميد ما عليها أي تعطي ومنه قول رؤبة - أنشده الأخفش :
تهدي رؤوس المترفين الأنداد *** إلى أمير المؤمنين الممتَاد
أي المستعطى المسؤول ، فالمائدة هي المطعمة والمعطية الآكلين الطعام ويسمى الطعام أيضا مائدة تجوزا لأنه يؤكل على المائدة ، كقولهم للمطر سماء . وقال أهل الكوفة : سميت مائدة لحركتها بما عليها من قولهم : ماد الشيء إذا مال وتحرك{[6158]} قال الشاعر :
لعلك باكٍ إن تَغَنَّتْ حمامةٌ *** يَمِيدُ بها غُصْنٌ من الأيكِ مائلُ
وأقلقني قتل الكناني بعده *** فكادت بي الأرض الفضاءُ تَمِيدُ
ومنه قوله تعالى : " وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم " {[6159]} [ النحل : 15 ] . وقال أبو عبيدة : مائدة فاعلة بمعنى مفعولة ، مثله " عيشة راضية{[6160]} " [ الحاقة : 21 ] بمعنى مرضية و " ماء دافق{[6161]} " [ الطارق : 6 ] أي مدفوق . قوله تعالى : " تكون لنا عيدا " " تكون " نعت لمائدة وليس بجواب . وقرأ الأعمش " تكن " على الجواب ، والمعنى : يكون يوم نزولها " عيدا لأولنا " أي لأول أمتنا وآخرها فقيل : إن المائدة نزلت عليهم يوم الأحد غدوة وعشية ؛ فلذلك جعلوا الأحد عيدا والعيد واحد الأعياد ، وإنما جمع بالياء وأصله الواو للزومها في الواحد ويقال : للفرق بينه وبين أعواد الخشب وقد عيدوا أي شهدوا العيد قاله الجوهري . وقيل : أصله من عاد يعود أي رجع فهو عود بالواو ، فقلبت ياء لانكسار ما قبلها مثل الميزان والميقات والميعاد ، فقيل ليوم الفطر والأضحى : عيدا لأنهما يعودان كل سنة . وقال الخليل : العيد كل يوم يجمع{[6162]} كأنهم عادوا إليه . وقال ابن الأنباري : سمي عيدا للعود في المرح والفرح ، فهو يوم سرور الخلق كلهم ، ألا ترى أن المسجونين في ذلك اليوم لا يطالبون ولا يعاقبون ولا يصاد الوحش ولا الطيور ولا تنفذ الصبيان إلى المكاتب . وقيل : سمي عيدا لأن كل إنسان يعود إلى قدر منزلته ألا ترى إلى اختلاف ملابسهم وهيئاتهم ومآكلهم ، فمنهم من يضيف ومنهم من يضاف ، ومنهم من يرحم ومنهم من يرحم وقيل : سمي بذلك لأنه يوم شريف تشبيها بالعيد ، وهو فحل كريم مشهور عند العرب وينسبون إليه فيقال : إبل عيدية قال{[6163]} :
عِيدِيَّةٌ أُرْهِنَتْ فيها الدَّنَانِيرُ
وقد تقدم ، وقرأ زيد بن ثابت " لأولانا وأخرانا " على الجمع{[6164]} قال ابن عباس : يأكل منها آخر الناس كما يأكل منها{[6165]} أولهم . " وآية منك " يعني دلالة وحجة . " وارزقنا " أي أعطنا . " وأنت خير الرازقين " أي خير من أعطى ورزق لأنك الغني الحميد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.