غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلۡ عَلَيۡنَا مَآئِدَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيدٗا لِّأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا وَءَايَةٗ مِّنكَۖ وَٱرۡزُقۡنَا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّـٰزِقِينَ} (114)

101

{ تكون لنا عيداً } صفة للمائدة أو استئناف . وقرئ بالجزم جواباً للأمر . كان نزولها يوم الأحد فلذلك اتخذه النصارى عيداً . والعيد ما يعود إليك في وقت معلوم ومنه العيد لأنه يعود كل سنة بفرح جديد { لأولنا وآخرنا } بدل من لنا بتكرير العامل أي لمن في زماننا من أهل ديننا ولمن يأتي بعدنا ، أو يأكل منها آخر الناس كما يأكل أوّلهم ، أو للمقدّمين منا والأتباع . وقرئ { لأولانا وأخرانا } بمعنى الأمة أو الجماعة . فقول عيسى { ربنا } ابتداء بذكر الحق { وأنزل علينا } انتقال من الذات إلى الصفات ، وقوله { تكون لنا عيداً } إشارة إلى ابتهاج الروح بالنعمة لا من حيث إنها بل من حيث إنها صادرة عن المنعم . وقوله { وآية منك } إشارة إلى كون المائدة دليلاً لأصحاب النظر والاستدلال وقوله { وارزقنا } إشارة إلى حصة النفس فالحواريون قدّموا غرض النفس وأخروا الأغراض الدينية ، وأن عيسى بدأ بالأشراف حتى انتهى إلى الأخس ثم قال { وأنت خير الرازقين } وهو عروج مرة أخرى من الخلق إلى الخالق ، وعند هذا يظهر التفاوت بين النفوس الكاملة والناقصة والمشرقة والمظلمة . اللهم اجعلنا من أهل الكمال والإشراق بعميم فضلك وجسيم طولك .

/خ120