فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلۡ عَلَيۡنَا مَآئِدَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيدٗا لِّأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا وَءَايَةٗ مِّنكَۖ وَٱرۡزُقۡنَا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّـٰزِقِينَ} (114)

{ قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين 114 } .

ولما رأى عيسى ما حكوه عن أنفسهم من الغرض بنزول المائدة { قال عيسى ابن مريم } قيل : إنه اغتسل ولبس المسح وصلى ركعتين وطأطأ رأسه وبكى ثم دعا فقال { اللهم ربنا أنزل علينا مائدة } كائنة أو نازلة { من السماء تكون لنا عيدا } أي عائدة من الله علينا أو يكون يوم نزولها لنا عيدا ، وقد كان نزولها يوم الأحد وهو يوم عيد لهم ، والعيد يوم السرور ، وهو واحد الأعياد .

وقيل أصله من عاد يعود أي رجع فهو عود فقيل ليوم الفطر والأضحى عيدان لأنهما يعودان في كل سنة قاله ثعلب ، وقال الخليل : العيد كل يوم جمع كأنهم عادوا إليه ، قال ابن الأنباري : النحويون يقولون لأنه يعود بالفرح والسرور ، وعيد العرب لأنه يعود بالفرح والحزن وكل ما عاد إليك في وقت فهو عيد ، وقال الراغب : العيد حالة تعاود الإنسان والعائدة كل نفع يرجع إلى الإنسان بشيء .

ومعنى { لأولنا وآخرنا } لمن في عصرنا ولمن يأتي بعدنا من ذرارينا وغيرهم ، قال ابن عباس : معناه يأكل منها أول الناس كما يأكل آخرهم { وآية منك } أي دلالة وحجة واضحة على كمال قدرتك وصحة إرسالك من أرسلته { وارزقنا } أي أعطينا هذه المائدة المطلوبة بينة ، أو ارزقنا رزقا نستعين به على عبادتك ، { وأنت خير الرازقين } بل لا رازق في الحقيقة غيرك ولا معطي سواك .