الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَأَوۡحَىٰٓ إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ مَآ أَوۡحَىٰ} (10)

قوله تعالى : " فأوحى إلى عبده ما أوحى " تفخيم للوحي الذي أوحى إليه . وتقدم معنى الوحي ، وهو إلقاء الشيء بسرعة ومنه الوَحَاء{[14359]} الوَحَاء .

والمعنى فأوحى الله تعالى إلى عبده محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى . وقيل : المعنى " فأوحى إلى عبده " جبريل عليه السلام " ما أوحى{[14360]} " . وقيل : المعنى فأوحى جبريل إلى عبد الله محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى إليه ربه . قاله الربيع والحسن وابن زيد وقتادة . قال قتادة : أوحى الله إلى جبريل وأوحى جبريل إلى محمد . ثم قيل : هذا الوحي هل هو مبهم ؟ لا نطلع عليه نحن وتعبدنا بالإيمان به على الجملة ، أو هو معلوم مفسر ؟ قولان . وبالثاني قال سعيد بن جبير ، قال : أوحى الله إلى محمد : ألم أجدك يتيما فآويتك ! ألم أجدك ضالا فهديتك ! ألم أجدك عائلا فأغنيتك ! " ألم نشرح لك صدرك . ووضعنا عنك وزرك . الذي أنقض ظهرك . ورفعنا لك ذكرك " [ الانشراح : 4 ] . وقيل : أوحى الله إليه أن الجنة حرام على الأنبياء حتى تدخلها يا محمد ، وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك .


[14359]:يمد ويقصر فالمقصور الوحى كالوغى ومعناه البدار البدار. رادع جـ 4 ص 58 وجـ 10 ص 133 في معنى الوحي والقول فيه.
[14360]:ما بين المربعين ساقط من ح، ز، ل، هـ.