مكية كلها في قول الجمهور . وقال مقاتل : إلا ثلاث آيات : " أم يقولون نحن جميع منتصر ، سيهزم الجمع ويولون الدبر ، بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر " ولا يصح على ما يأتي . وهي خمس وخمسون آية .
قوله تعالى : " اقتربت الساعة وانشق القمر " " اقتربت " أي قربت مثل " أزفت الآزفة{[14445]} " [ النجم : 57 ] على ما بيناه . فهي بالإضافة إلى ما مضى قريبة ؛ لأنه قد مضى أكثر الدنيا كما روى قتادة عن أنس قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كادت الشمس تغيب فقال : ( ما بقي من دنياكم فيما مضى إلا مثل ما بقي من هذا اليوم فيما مضى ) وما نرى من الشمس إلا يسيرا . وقال كعب ووهب : الدنيا ستة آلاف سنة . قال وهب : قد مضى منها خمسة آلاف سنة وستمائة سنة . ذكره النحاس .
قوله تعالى : " وانشق القمر " أي وقد انشق القمر . وكذا قرأ حذيفة " اقتربت الساعة وقد انشق القمر " بزيادة " قد " وعلى هذا الجمهور من العلماء ؛ ثبت ذلك في صحيح البخاري وغيره من حديث ابن مسعود وابن عمر وأنس وجبير بن مطعم وابن عباس رضي الله عنهم . وعن أنس قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية ، فانشق القمر بمكة مرتين فنزلت : " اقتربت الساعة وانشق القمر " إلى قوله : " سحر مستمر " يقول ذاهب ، قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . ولفظ البخاري عن أنسى قال : انشق القمر فرقتين . وقال قوم : لم يقع انشقاق القمر بعد وهو منتظر ، أي اقترب قيام الساعة وانشقاق القمر ، وأن الساعة إذا قامت انشقت السماء بما فيها من القمر وغيره . وكذا قال القشيري . وذكر الماوردي : أن هذا قول الجمهور ، وقال : لأنه إذا انشق ما بقي أحد إلا رآه ؛ لأنه آية والناس في الآيات سواء . وقال الحسن : اقتربت الساعة فإذا جاءت انشق القمر بعد النفخة الثانية . وقيل : " وانشق القمر " أي وضح الأمر وظهر ، والعرب تضرب بالقمر مثلا فيما وضح ، قال :
أقيموا بني أمِّي صدورَ مَطِيِّكُم *** فإني إلى حَيٍّ سواكم لأَمْيَلُ
فقد حُمَّتِ الحاجات والليل مُقْمِرٌ *** وشُدَّت لِطَيَّاتٍ مَطَايَا وأرْحَلُ
وقيل : انشقاق القمر هو انشقاق{[14446]} الظلمة عنه بطلوعه في أثنائها ، كما يسمى الصبح فلقا ؛ لانفلاق الظلمة عنه . وقد يعبر عن انفلاقه بانشقاقه كما قال النابغة :
فلما أدبروا ولهم دَوِيٌّ *** دعانا عند شَقِّ الصُّبْحِ دَاعِ
قلت : وقد ثبت بنقل الآحاد العدول أن القمر انشق بمكة ، وهو ظاهر التنزيل ، ولا يلزم أن يستوي الناس فيها ؛ لأنها كانت آية ليلية ، وأنها كانت باستدعاء النبي صلى الله عليه وسلم من الله تعالى عند التحدي . فروي أن حمزة بن عبدالمطلب حين أسلم غضبا من سب أبي جهل الرسول صلى الله عليه وسلم طلب أن يريه آية يزداد بها يقينا في إيمانه . وقد تقدم في الصحيح أن أهل مكة هم الذين سألوا وطلبوا أن يريهم آية ، فأراهم انشقاق القمر فلقتين كما في حديث ابن مسعود وغيره . وعن حذيفة أنه خطب بالمدائن ثم قال : ألا إن الساعة قد اقتربت ، وأن القمر قد انشق على عهد نبيكم صلى الله عليه وسلم . وقد قيل : هو على التقديم والتأخير ، وتقديره انشق القمر واقتربت الساعة ، قاله ابن كيسان . وقد مر عن الفراء أن الفعلين إذا كانا متقاربي المعنى فلك أن تقدم وتؤخر عند قوله تعالى : " ثم دنا فتدلى{[14447]} " [ النجم : 8 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.