لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِۦٓ أَوۡ أَرَادَنِي بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ مُمۡسِكَٰتُ رَحۡمَتِهِۦۚ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ عَلَيۡهِ يَتَوَكَّلُ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ} (38)

قوله جل ذكره : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ } .

قَرَّرَ عليهم عُلُوَّ صفاته ، وما هو عليه من استحقاق جلاله فأقرُّوا بذلك ، ثم طالَبَهم بِذكْرِ صفاتِ الأصنام التي عبدوها من دونه ، فلم يمكنهم في وصفها إلا بالجمادية ، والبُعَدِ عن الحياة والعِلْم والقدرةِ والتمكُّنِ من الخَلْقِ ، فيقول : كيف أشركتم به هذه الأشياء ؟ وهلاَّ استحيَيْتُم من إطلاق أمثال ذلك في صفته ؟

قُلْ -يا محمد- حَسْبِيَ الله ، عليه يتوكل المتوكلون ؛ كافِيَّ اللَّهُ المتفرِّدُ بالجلالِ ، القادرُ على ما يشاء ، المتَفَضِّلُ عليَّ بما يشاء .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِۦٓ أَوۡ أَرَادَنِي بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ مُمۡسِكَٰتُ رَحۡمَتِهِۦۚ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ عَلَيۡهِ يَتَوَكَّلُ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ} (38)

قوله : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } كان المشركون يعترفون أن الله خالق كل شيء ، وهم مع ذلك يشركون به فيتخذون معه الآلهة والأنداد ، معاندة ومكابرة وجنوحا إلى ما ألْفَوا عليه آباءهم الأقدمين ؛ إذ يقلدونهم في الضلال والباطل .

قوله : { قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } الفاء مقترنة بجواب شرط مقدر . أي قل لهم يا محمد – على سبيل التبكيت لهم والتوبيخ : أخبروني إن كانت آلهتكم المفتراة – إن أرادني الله بضُر ، من مرض أو فقر أو غيره – يدفعن عني ذلك الضر { أوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ } أو إن أرادني الله بنفع أو خير هل أصنامكم وأندادكم المزعومة تمسك عني ذلك فيمنعه الله عني . وفي الخبر عن عبد الله بن عباس مرفوعا : " احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، إذا سألت فاسأل اللهَ ، وإذا استعنت فاستعِنْ بالله . واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يضروك ، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك ، لم ينفعوك . جَفَّت الصحف ورُفعت الأقلام . واعملْ لله بالشكر في اليقين . واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا . وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا " .

قوله : { قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ } أي اللهُ كافيَّ في جميع أموري من إصابة الخير ودفع الشر { عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ } إنما يتوكل المؤمنون المتقون على الله وحده . فإنما عليه الاعتماد والتكلان وليس على أحد غيره من المخاليق . فكل شيء من أناسي وجنٍّ وطير وكائنات ، مملوك لله . فما ينبغي التوكل والاعتماد إلا على الله .