لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

قوله جل جلاله : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } .

أشَدُّ العقوباتِ التي يُوصلها الحقُّ إليهم آثارُ سُخْطِه وغَضَبِه ، وأجَلُّ النِّعم التي يغروهم بها آثارُ رضاه عنهم . فإذا عَرَفَ الكافرُ في الآخرة أنَّ ربَّه عليه غضبانُ فلا شيء أصعبُ على قلبه من ذلك ؛ لأنه عَلِمَ أنه لا بُكاء ينفعه ، ولا عناءَ يزيل عنه ما هو فيه ويدفعه ، ولا يُسْمَعُ له تضرُّعٌ ، ولا تُرْجَى له حيلة .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ ( 10 ) } .

المقْتُ : أشد الغضب . وهنا يبين الله حال الخاسرين في النار وما يغشاهم من التعْس والتعنيف والتوبيخ ومقت الله إياهم ، حتى إنهم أنفسهم يمقتون أنفسهم . فقد قال المفسرون : لما رأى الكافرون أعمالهم يوم القيامة ونظروا في كتاب أعمالهم وأدخلوا النار فعاينوا العذاب الشديد مقتوا أنفسهم بما أسلفوه من سوء الفعال وقبيح الأعمال .

وحينئذ ينادون وهم في النار : لَمَقْتُ الله إياكُم في الدنيا أشدُّ من مقتكم أنفسَكم اليوم . وهذه زيادة في التنكيل بالمكذبين الخاسرين وقد طرحوا في النار جزاء نكولهم عن دين الله . وقيل : معناه ، لمقت الله إياكم الآن أكبر من مقت بعضكم لبعض .

قوله : { إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ } منصوب بمقدر ، وتقديره : اذكروا حين تدعون{[4007]} وذلك تعليل لمقتهم بما قدموه من الكفر وسوء الفعال ؛ أي واذكروا حين دعائكم إلى الإيمان بالله فتجحدون وتكذبون وتأبون إلا الشرك والباطل .


[4007]:الدر المصون ج 9 ص 461