لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{۞وَتَرَى ٱلشَّمۡسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَٰوَرُ عَن كَهۡفِهِمۡ ذَاتَ ٱلۡيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقۡرِضُهُمۡ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمۡ فِي فَجۡوَةٖ مِّنۡهُۚ ذَٰلِكَ مِنۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِۗ مَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ وَلِيّٗا مُّرۡشِدٗا} (17)

كانوا في مُتَّسَعٍ من الكهف ، ولكن كان شعاعُ الشمس لا ينبسط عليهم مع هبوب الرياح عليهم .

ويقال أنوار الشمس تتقاصر وتتصاغر بالإضافة إلى أنوارهم .

إن نورَ الشمس ضياءُ يستضيءُ به الخَلْقُ ، ونور معارفهم أنوار يُعْرَف بها الحق ، فهذا نور يظهر في الصورة ، وهذا نور يلوح في السريرة . وبنور الشمس يدرك الخلْق وبنورهم كانوا يعرفون الحق .

وفي قوله - عَزَّ اسمه : { ذَلِكَ مِنْ ءَايَاتِ اللَّهِ } فيه دلالة على أن في الأمر شيئاً بخلاف العادة ، فيكون من جملة كرامات الأولياء ؛ ويحتمل أن يكون شعاعُ الشمسِ إذا انتهى إليهم ازورَّ عنهم ، ومضى دونَهم بخلاف ما يقول أصحاب الهبة ، ليكونَ فعلاً ناقضاً للعادة فلا يبعد أن يقال إن نور الشمس يُسْتَهْلَكُ في النور الذي عليهم .

قوله جلّ ذكره : { مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً } .

فاللَّه يهْدِي قوماً بالأدلةِ والبراهين ، وقوماً بكشف اليقين ؛ فمعارفُ الأولين قضية الاستدلال ، ومعارف الآخرين حقيقة الوصال ، فهؤلاء مع برهان ، وهؤلاء على بيان كأنهم أصحاب عيان :

{ وَمَن يُضْلِلِِ اللَّهُ } : أي مَنْ وَسَمه بِسِمَةِ الحرمان فلا عرفانَ ولا علمَ ولا إيمان .