الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{۞وَتَرَى ٱلشَّمۡسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَٰوَرُ عَن كَهۡفِهِمۡ ذَاتَ ٱلۡيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقۡرِضُهُمۡ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمۡ فِي فَجۡوَةٖ مِّنۡهُۚ ذَٰلِكَ مِنۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِۗ مَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ وَلِيّٗا مُّرۡشِدٗا} (17)

{ وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ } ، أي تتزاور ، وقرأ أهل الكوفة بالتخفيف على حذف أحد الزاءين ، وقرأ أهل الشام : { تَّزوَرُ } على وزن تحمرّ ، وكلّها بمعنىً واحد ، أي تميل وتعدل عن كهفهم { ذَاتَ الْيَمِينِ } ، أي جانب اليمين ، { وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ } ، قال ابن عباس : تدعهم . قال مقاتل بن حيان : تجاوزهم . وأصل القرض : القطع . { ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ } ، أي متّسع من الكهف ، وجمعها فجوات وفجىً . أخبرنا الله تعالى بحفظه ايّاهم في مهجعهم ، وعرفنا لطفه بهم في مضجعهم واختياره لهم أصلح المواضع للرقاد فأعلمنا أنّه بوّأهم في مغناة من الكهف مستقبلاً بنات نعش ، تميل عنهم الشمس طالعة وغاربة وجارية ؛ لا تدخل عليهم فتؤذيهم بحرّها وتغّير ألوانهم وتبلى ثيابهم ، وإنهم في متّسع منه ينالهم فيه بَرد الريح ونسيمها وتنفي عنهم كربة الغار وغمومه ، { ذلِكَ } الذي ذكرت من أمر الفتية { مِنْ آيَاتِ اللَّهِ } : من عجائب صنع اللّه ودلالات قدرته وحكمته . { مَن يَهْدِ اللَّهُ } أي يهدهِ اللّه { فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً } مُعينَاً { مُّرْشِداً } ؛ لأنّ التوفيق والخذلان بيد الله عزّ وجلّ .