لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{إِن يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦٓ إِلَّآ إِنَٰثٗا وَإِن يَدۡعُونَ إِلَّا شَيۡطَٰنٗا مَّرِيدٗا} (117)

قوله : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا } : أوقعوا على الجماداتِ تسمياتٍ ، وانخرطوا في سلك التوهم ، وركنوا إلى مغاليط الحسبان ، فَضَلُّوا عن الحقيقة .

{ وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا لَّعَنَهُ اللهُ } ، أي ما يدعون إلا إبليس الذي أبعده الحقُّ عن رحمته ، وأسحقه بِبُعده ، وما إبليس إلا مُقَلَّبٌ في القبضة على ما يريده المنشئ ، ولو كان به ذرة من الإثبات لكان به شريكاً في الإلهية . كلاَّ ، إنما يُجرِي الحقُّ - سبحانه - على الخلْقِ أحوالاً ، ويخلق عقيب وساوسه للخلق ضلالاً ، فهو الهادي والمُضِل ، وهو - سبحانه - المُصَرِّفُ للكل ، فيخلق ( . . . . ) في قلوبهم عُقَيْبَ وساوسه إليهم طول الآمال ، ويُحَسِّن في أعينهم قبيح الأعمال ، ثم لا يجعل لأمانيِّهم تحقيقاً ، ولا يعقب لما أمَّلُوه تصديقاً ، فهو تعالى مُوجِد تلك الآثار جملةً ، ويضيفها إلى الشيطان مرةً ، وإلى الكافر مرة ، وهذا معنى قوله : { وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ } . . . الآية ومعنى قوله تعالى : { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ } .