فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِن يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦٓ إِلَّآ إِنَٰثٗا وَإِن يَدۡعُونَ إِلَّا شَيۡطَٰنٗا مَّرِيدٗا} (117)

{ وإن يدعون من دونه إلا إناثا } تعليل لما قبلها أي ما يدعون من دون الله إلا أصناما لها أسماء مؤنثة كاللات والعزى ومناة قاله ابن عباس ، قال الزجاج : الموات كلها يخبر عنها كما يخبر عن المؤنث تقول هذه الحجر تعجبني ، وهذه الدرهم تنفعني وقد يطلق الأنثى على الجمادات .

وقيل المراد بالإناث الملائكة لقولهم الملائكة بنات الله قال الضحاك : اتخذوهم أربابا وصوروهن صور الجواري فحلوا وقلدوا وقالوا هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده يعنون الملائكة ، وقرئ إلا وثنا بضم الواو والثاء جمع وثن ، رويت هذه عن عائشة ، وقرأ بن عباس : إلا أثنا جمع وثن أيضا وقرأ الحسن إلا أنثا جمع أنيث كغدير وغدر ، وحكى الطبري أنه جمع أناث كثمار وثمر .

وعلى جميع هذه القراآت فهذا الكلام خارج مخرج التوبيخ للمشركين والإزراء عليهم ، والتضعيف لعقولهم لكونهم عبدوا من دون الله نوعا ضعيفا ، وقال الحسن : كان لكل حي من أحياء العرب صنم يعبدونها يسمونها أنثى بني فلان فأنزل الله هذه الآية .

{ وإن } ما { يدعون } من دون الله { إلا شيطانا مريدا } وهو إبليس لعنه الله ، لأنهم إذا أطاعوه فيما سول لهم فقد عبدوه ، وتقدم اشتقاق لفظ الشيطان المريد المتمرد العاتي من مرد إذا عتا ، قال الأزهري : المريد الخارج عن الطاعة وقد مرد الرجل مرودا إذا عتا وخرج عن الطاعة فهو مارد ومريد ومتمرد .

وقال ابن عرفة : هو الذي ظهر شره يقال شجرة مرداء إذا تساقط ورقها وظهرت عيدانها ، ومنه قيل للرجل أمرد أي ظاهر مكان الشعر من عارضيه ، وقال ابن عباس : لكل صنم شيطان يدخل في جوفه ويتراءى للسدنة والكهنة ويكلمهم والأول أولى .