فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِن يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦٓ إِلَّآ إِنَٰثٗا وَإِن يَدۡعُونَ إِلَّا شَيۡطَٰنٗا مَّرِيدٗا} (117)

{ إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إناثا } أي : ما يدعون من دون الله إلا أصناماً لها أسماء مؤنثة كاللات والعزى ومناة وقيل المراد بالإناث : الموات التي لا روح لها كالخشبة ، والحجر . وقيل المراد بالإناث : الملائكة لقولهم الملائكة بنات الله . وقرئ «وثنا » بضم الواو والثاء جمع وثن ، روى هذه القراءة ابن الأنباري عن عائشة . وقرأ ابن عباس «إلا أثنا » جمع وثن أيضاً ، وأصله " وثن " ، فأبدلت الواو همزة ، وقرأ الحسن " إلا أنثا " بضم الهمزة والنون بعدها مثلثة ، جمع أنيث كغدير وغدر . وحكى الطبري أنه جمع إناث كثمار وثمر . وحكى هذه القراءة أبو عمرو الداني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وقرأ بها ابن عباس ، والحسن ، وأبو حيوة . وعلى جميع هذه القراءات ، فهذا الكلام خارج مخرج التوبيخ للمشركين ، والإزراء عليهم ، والتضعيف لعقولهم ، لكونهم عبدوا من دون الله نوعاً ضعيفاً { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شيطانا مَّرِيداً } أي : وما يدعون من دون الله إلا شيطاناً مريداً ، وهو إبليس لعنه الله ، لأنهم إذا أطاعوه فيما سوّل لهم فقد عبدوه . وقد تقدّم اشتقاق لفظ الشيطان . والمريد : المتمرّد العاتي ، من مرد : إذا عتا . قال الأزهري : المريد الخارج عن الطاعة . وقد مرد الرجل مروداً : إذا عتا ، وخرج عن الطاعة فهو مارد ومريد ومتمرّد . وقال ابن عرفة : هو الذي ظهر شرّه ، يقال شجرة مرداء : إذا تساقط ورقها وظهرت عيدانها ، ومنه قيل للرجل أمرد : أي : ظاهر مكان الشعر من عارضيه .

/خ122