وبعد الإنذار والتهديد يعود السياق إلى استثناء بعض المحارم الذين لا حرج على نساء النبي [ صلى الله عليه وسلم ] في أن يظهرن عليهم :
( لا جناح عليهن في آبائهن ، ولا أبنائهن ، ولا إخوانهن ، ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ، ولا نسائهن ، ولا ما ملكت أيمانهن . واتقين الله . إن الله كان على كل شيء شهيدا ) . .
وهؤلاء المحارم هم الذين أبيح لنساء المسلمين عامة أن يظهرن عليهم . . ولم أستطع أن أتحقق أي الآيات كان أسبق في النزول ؛ الآية الخاصة بنساء النبي [ صلى الله عليه وسلم ] هنا ، أم الآية العامة لنساء المسلمين جميعا في سورة النور . والأرجح أن الأمر كان خاصا بنساء النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ثم عمم . فذلك هو الأقرب إلى طبيعة التكليف . و لا يفوتنا أن نلحظ هذا التوجيه إلى تقوى الله ، والإشارة إلى اطلاعه على كل شيء : ( واتقين الله ، إن الله كان على كل شيء شهيدا ) . فالإيحاء بالتقوى ومراقبة الله يطرد في مثل هذه المواضع ، لأن التقوى هي الضمان الأول والأخير ، وهي الرقيب اليقظ الساهر على القلوب .
قوله تعالى : { لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آَبَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا } .
لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأقارب لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ونحن أيضا نكلمهن من وراء حجاب ؟ فنزلت هذه الآية . أي لا إثم ولا حرج على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في المذكورين في الآية وهم الآباء والأبناء وأبناؤهم والنساء المؤمنات وما ملكت أيمانهن .
واختلف العلماء في الذي نفى عنه الجناح . فقد قيل : الجلابيب أي لا حرج على الناس أن يضعن جلابيبهن عند هؤلاء المذكورين في الآية .
وقيل : الاحتجاب ، فقد رخَّص لهن أن لا يحتجبن ، وهذا هو الأولى بالصواب ؛ لأن هذه الآية عقيب آية الحجاب ؛ فيكون المعنى لا إثم على نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين في إذنهن للمذكورين في الآية وترك الحجاب عندهم .
أما لِمَ لَمْ يذكر في الآية العم والخال ، فسببه أنهما يقومان مقام الأبوين وقد جاءت تسمية العم أبا ؛ إذْ قال الله سبحانه : { وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } وعلوم أن إسماعيل عم يعقوب . وقيل : كره الاحتجاب عنهما ؛ لأنهما يصفانها لأبنائهما ، وأبناؤهما غير محارم .
قوله : { وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا } بعد أن رخّص الله للنساء في رفع الحجاب عند الرجال المحارم أمرهن بالتقوى ليخفن الله فلا يتجاوزن ما حدّه لهن ، ولا يتركن الاحتجاب عن الأجانب من الرجال ، وعليهن أن يطعن الله ، ويلتزمن أوامره وشرعه ؛ فإنه سبحانه رقيب شهيد مطلع على السر والعلن ولا تخفى عليه الخوافي{[3770]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.