في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَمَا يُبۡدِئُ ٱلۡبَٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ} (49)

43

ويتلوه الإيقاع الرابع في مثل عنفه وسرعته :

قل : جاء الحق ، وما يبدىء الباطل وما يعيد . .

جاء هذا الحق في صورة من صوره ، في الرسالة ، وفي قرآنها ، وفي منهجها المستقيم . قل : جاء الحق . أعلن هذا الإعلان . وقرر هذا الحدث . واصدع بهذا النبأ . جاء الحق . جاء بقوته . جاء بدفعته . جاء باستعلائه وسيطرته ( وما يبدىء الباطل وما يعيد ) . . فقد انتهى أمره . وما عادت له حياة ، وما عاد له مجال ، وقد تقرر مصيره وعرف أنه إلى زوال .

إنه الإيقاع المزلزل ، الذي يشعر من يسمعه أن القضاء المبرم قد قضى ، وأنه لم يعد هناك مجال لشيء آخر يقال .

وإنه لكذلك . فمنذ جاء القرآن استقر منهج الحق واتضح . ولم يعد الباطل إلا مماحكة ومماحلة أمام الحق الواضح الحاسم الجازم . ومهما يقع من غلبة مادية للباطل في بعض الأحوال والظروف ، إلا أنها ليست غلبة على الحق . إنما هي غلبة على المنتمين إلى الحق . غلبة الناس لا المبادىء . وهذه موقوتة ثم تزول . أما الحق فواضح بين صريح .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَمَا يُبۡدِئُ ٱلۡبَٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ} (49)

قوله تعالى : { قل جاء الحق } يعني : القرآن والإسلام ، { وما يبدئ الباطل وما يعيد } أي : ذهب الباطل وزهق فلم يبق منه بقية يبدئ شيئاً أو يعيد ، كما قال تعالى : { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه } وقال قتادة : الباطل هو إبليس ، أي : ما يخلق أحدا ابتداء ولا يبعثه ، وهو قول مقاتل والكلبي ، وقيل : الباطل : الأصنام .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَمَا يُبۡدِئُ ٱلۡبَٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ} (49)

قوله تعالى : " قل جاء الحق " قال سعيد عن قتادة : يريد القرآن . النحاس : والتقدير جاء صاحب الحق أي الكتاب الذي فيه البراهين والحجج . " وما يبدئ الباطل " قال قتادة : الشيطان ؛ أي ما يخلق الشيطان أحدا " وما يعيد " ف " ما " نفي . ويجوز أن يكون استفهاما بمعنى أي شيء ، أي جاء الحق فأي شيء بقي للباطل حتى يعيده ويبدئه أي فلم يبق منه شيء ، كقوله : " فهل ترى لهم من باقية " {[13078]} [ الحاقة : 8 ] أي لا ترى .


[13078]:راجع ج 18 ص 216.