في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التين مكية وآياتها ثمان

الحقيقة الرئيسية التي تعرضها هذه السورة هي حقيقة الفطرة القويمة التي فطر الله الإنسان عليها ، واستقامة طبيعتها مع طبيعة الإيمان ، والوصول بها معه إلى كمالها المقدور لها . وهبوط الإنسان وسفوله حين ينحرف عن سواء الفطرة واستقامة الإيمان .

ويقسم الله - سبحانه - على هذه الحقيقة بالتين والزيتون ، وطور سينين ، وهذا البلد الأمين ، وهذا القسم على ما عهدنا في كثير من سور هذا الجزء - هو الإطار الذي تعرض فيه تلك الحقيقة . وقد رأينا في السور المماثلة أن الإطار يتناسق مع الحقيقة التي تعرض فيه تناسقا دقيقا .

وطور سينين هو الطور الذي نودي موسى - عليه السلام - من جانبه . والبلد الأمين هو مكة بيت الله الحرام . . وعلاقتهما بأمر الدين والإيمان واضحة . . فأما التين والزيتون فلا يتضح فيهما هذا الظل فيما يبدو لنا .

وقد كثرت الأقوال المأثورة في التين والزيتون . . قيل : إن التين إشارة إلى طور تينا بجوار دمشق .

وقيل : هو إشارة إلى شجرة التين التي راح آدم وزوجه يخصفان من ورقها على سوآتهما في الجنة التي كانا فيها قبل هبوطهما إلى هذه الحياة الدنيا . وقيل : هو منبت التين في الجبل الذي استوت عليه سفينة نوح - عليه السلام .

وقيل في الزيتون : إنه إشارة إلى طور زيتا في بيت المقدس . وقيل : هو إشارة إلى بيت المقدس نفسه . وقيل : هو إشارة إلى غصن الزيتون الذي عادت به الحمامة التي أطلقها نوح عليه السلام - من السفينة - لترتاد حالة الطوفان . فلما عادت ومعها هذا الغصن عرف أن الأرض انكشفت وأنبتت !

وقيل : بل التين والزيتون هما هذان الأكلان الذان نعرفهما بحقيقتهما . وليس هناك رمز لشيء وراءهما . .

أو أنهما هما رمز لمنبتهما من الأرض . . .

وشجرة الزيتون إشير إليها في القرآن في موضع آخر بجوار الطور : فقال : ( وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين ) . . كما ورد ذكر الزيتون : ( وزيتونا ونخلا ) . . فأما " التين " فذكره يرد في هذا الموضع لأول مرة وللمرة الوحيدة في القرآن كله .

ومن ثم فإننا لا نملك أن نجزم بشيء في هذا الأمر . وكل ما نملك أن نقوله - اعتمادا على نظائر هذا الإطار في السور القرآنية - : إن الأقرب أن يكون ذكر التين والزيتون إشارة إلى أماكن أو ذكريات ذات علاقة بالدين والإيمان . أو ذات علاقة بنشأة الإنسان في أحسن تقويم [ وربما كان ذلك في الجنة التي بدأ فيها حياته ] . . كي تلتئم هذه الإشارة مع الحقيقة الرئيسية البارزة في السورة ؛ ويتناسق الإطار مع الحقيقة الموضوعة في داخله . على طريقة القرآن . . .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التين

مكية وآياتها ثمان .

{ والتين والزيتون } قال ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وإبراهيم ، وعطاء ابن أبي رباح ، ومقاتل ، والكلبي : هو تينكم هذا الذي تأكلونه ، وزيتونكم هذا الذي تعصرون منه الزيت . قيل : خص التين بالقسم لأنها فاكهة مخلصة لا عجم لها ، شبيهة بفواكه الجنة . والزيتون شجرة مباركة جاء بها الحديث ، وهو تمر ودهن يصلح للاصطباغ والاصطباح . وقال عكرمة : هما جبلان . قال قتادة : التين : الجبل الذي عليه دمشق ، والزيتون : الجبل الذي عليه بيت المقدس ، لأنهما ينبتان التين والزيتون . وقال الضحاك : هما مسجدان بالشام . وقال ابن زيد : التين : مسجد دمشق ، والزيتون : مسجد بيت المقدس . وقال محمد بن كعب : التين مسجد أصحاب الكهف ، والزيتون : مسجد إيليا .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وهي ثماني آيات .

{ والتين والزيتون } هما جبلان بالشام طور تينا وطور زيتا بالسريانية ، سميا بالتين والزيتون لأنهما ينبتانهما .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

لما كان التين أحسن الفواكه تقويماً فيما ذكروا من فضيلته ، وهو مع كونه فاكهة شهية حلوة جداً - غذاء يقيم الصلب وقوت كالبر وسريع الهضم ، ودواء كثير النفع يولد دماً صالحاً وينفع الرئة والكلى ويلين الطبع ويحلل البلغم ويزل رمل المثانة ويفتح سدد الكبد والطحال ، فكان جامعاً لجميع منافع المتناولات من الغذاء والتفكه والتحلي والتداوي ، فهو كامل في مجموع ما هو فيه من لذة طعمه وكثرة نفعه ، وكونه كفاكهة الجنة بلا شائبة تعوق عن أكله من صنوان يتعب أو نوى يرمى ، مع أنه ينتفع به رطباً ويابساً ، وهو مع ذلك في سرعة فساده وسوء تغيره أسفلها رتبة وأردؤها مغبة ، فهو كالفطرة الأولى في مبدئه سهولة وحسناً وقبولاً لكل من الإصلاح والتغير ، كآخر الهرم عند نهايته في عظيم تغيره بحيث إنه لا ينتفع بشيء منه إذا تغير ، وغيره من الفواكه إذا فسد جانب منه بقي آخر فكان في هذا كالقسم للسافل من الإنسان أقسم الله تعالى به فقال : { والتين } بادئاً به لأن القسم المشار به إليه أكثر ، فالاهتمام به أكبر .

ولما كان الزيتون في عدم فساد يطرقه أو تغير يلحقه ، وفيه الدسومة والحرافة والمرارة ، وهو إدام ودواء مع تهيئه للنفع بكل حال في أكله بعد تزييته والتنوير بدهنه والادهان به لإزالة الشعث وتنعيم البشرة وتقوية العظم وشد العصب وغير ذلك من المنافع مع لدنه وما يتبع ذلك من فضائله الجمة كالمؤمن تلاه به فقال : { والزيتون * }