في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

ثم يكشف عن سخف ذلك التصور وتهافته :

( لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء . سبحانه ! هو الله الواحد القهار ) .

وهو فرض جدلي لتصحيح التصور . فالله لو أراد أن يتخذ ولداً لاختار ما يشاء من بين خلقه ؛ فإرادته مطلقة غير مقيده . ولكنه - سبحانه - نزه نفسه عن اتخاذ الولد . فليس لأحد أن ينسب إليه ولداً ، وهذه إرادته ، وهذه مشيئته ، وهذا تقديره ؛ وهذا تنزيهه لذاته عن الولد والشريك :

( سبحانه ! هو الله الواحد القهار ) . .

وما اتخاذه الولد ? وهو مبدع كل شيء ؛ وخالق كل شيء ، ومدبر كل شيء ? وكل شيء وكل أحد ملكه يفعل به ما يشاء :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

بين تعالى أنه لا ولد له كما يزعمه جهلة المشركين في الملائكة ، والمعاندون من اليهود والنصارى في العزير ، وعيسى فقال : { لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } أي : لكان الأمر على خلاف ما يزعمون . وهذا شرط لا يلزم وقوعه ولا جوازه ، بل هو محال ، وإنما قصد تجهيلهم فيما ادعوه وزعموه ، كما قال : { لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ } [ الأنبياء : 17 ] { قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } [ الزخرف : 81 ] ، كل هذا من باب الشرط ، ويجوز تعليق الشرط على المستحيل لقصد المتكلم .

وقوله : { سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } أي : تعالى وتنزه وتقدس عن أن يكون له ولد ، فإنه الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي كل شيء عبد لديه ، فقير إليه ، وهو الغني عما سواه الذي قد قهر الأشياء فدانت له وذلت وخضعت .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

{ لو أراد الله أن يتخذ ولدا } كما زعموا . { لاصطفى مما يخلق ما يشاء } إذ لا موجود سواه إلا هو مخلوقه لقيام الدلالة على امتناع وجود واجبين ووجوب استناد ما عدا الواجب إليه ، ومن البين أن المخلوق لا يماثل الخالق فيقوم مقام الوالد له ثم قرر ذلك بقوله : { سبحانه هو الله الواحد القهار } فإن الألوهية الحقيقية تتبع الوجوب المستلزم للواحدة الذاتية ، وهي تنافي المماثلة فضلا عن التوالد لأن كل واحد من المثلين مركب من الحقيقة المشتركة ، والتعين المخصوص والقهارية المطلقة تنافي قبول الزوال المحوج إلى الولد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (4)

قوله تعالى : { لو أراد الله أن يتخذ } . معناه : اتخاذ التشريف والتبني ، وعلى هذا يستقيم . قوله تعالى : { لاصطفى مما يخلق } .

وأما الاتخاذ المعهود في الشاهد فمستحيل أن يتوهم في جهة الله تعالى ، ولا يستقيم عليه معنى قوله : { لاصطفى } وقوله : { وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً } [ مريم : 92 ] لفظ يعم اتخاذ النسل واتخاذ الأصفياء ، فأما الأول فمعقول ، وأما الثاني فمعروف لخبر الشرع ، ومما يدل على أن معنى قوله : أن يتخذ الاصطفاء والتبني قوله : { مما يخلق } أي من موجوداته ومحدثاته . ثم نزه تعالى نفسه تنزيهاً مطلقاً عن جميع ما لا يكون مدحة ، واتصافه تعالى ب { القهار } اتصاف على الإطلاق ، لأن أحداً من البشر إن اتصف بالقهر فمقيد في أشياء قليلة ، وهي في حين قهره لغيره مقهور لله تعالى عن أشياء كثيرة .