تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم استأنف ، فقال : { ما أغنى عنه ماله } في الآخرة { وما كسب } يعنى أولاده عتبة وعتيبة ومعتب ؛ لأن ولده من كسبه ....
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله : { ما أغْنَى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ } يقول تعالى ذكره : أيّ شيء أغنى عنه ماله ، ودفع من سخط الله عليه { وَما كَسَبَ } وهم ولده ...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أحدهما : أي لم يغن ماله وقوته وما كسب من عذاب الله شيئا ...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{ مَا أغنى } استفهام في معنى الإنكار ... والمعنى : لم ينفعه ماله وما كسب بماله ، يعني : رأس المال والأرباح . أو ماشيته وما كسب من نسلها ومنافعها ، وكان ذا سابياء . أو ماله الذي ورثه من أبيه ، والذي كسبه بنفسه ....
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
وذكر عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعا قومه إلى الإيمان ، قال أبو لهب : إذا كان ما يقول ابن أخي حقا ، فإني أفتدي نفسي يوم القيامة من العذاب بمالي وولدي ، فأنزل الله : { مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ } .
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ ما أغنى } أي أجزى وناب وسد { عنه } أي عن أبي لهب الشقي الطريد المبعود عن الرحمة مع العذاب . { ماله } أي الكثير الذي جرت العادة بأنه ينجي من الهلاك . ولما كان الكسب أعم من المال ، وكان المال قد يكسب منافع هي أعظم منه من الجاه وغيره ، وكان الإنسان قد يكون فائزاً ، ولا مال له بأمور أثلها بسعيه خارجة عن المال ، قال مفيداً لذلك ، مبيناً أنه لا ينفع إلا ما أمر الله به { وما كسب } ، أي وإن كان ذلك على وجه هائل من الولد والأصحاب والعز بعشيرته التي كان يرضيها باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في المحافل يؤذيه ويكذبه ، وينهى الناس عن تصديقه ، مع أنه كان قبل ذلك يناديه بالصادق الأمين ، وكان ابنه عتبة شديد الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم ...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
استئناف ابتدائي للانتقال من إنشاء الشتم والتوبيخ إلى الإِعلام بأنه آيس من النجاة من هذا التباب ، ولا يغنيه ماله ، ولا كسبه ، أي لا يغني عنه ذلك في دفع شيء عنه في الآخرة . ...
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
لأن المال قد يمثل حاجةً يستعين بها الإنسان على تدبير الأمور المادية في حياته ، ولكنه لا يحقِّق له النجاح على المستوى الروحي والمعنوي والمصيري عند الله ... لأن المال ليس جزءاً من شخصيته ، لترتفع قيمتها بكثرته ، أو لتنخفض بقلّته ؛ بل هو شيءٌ خارج عن ذاته ، مضاف إليه بالاحتواء الشخصي أو بالإضافة القانونية ؛ بل القيمة كل القيمة في ما يحسنه الإنسان ويعمله .
قوله تعالى : { ما أغنى عنه ماله وما كسب }
أي ما دفع عنه عذاب الله ما جمع من المال ، ولا ما كسب من جاه . وقال مجاهد : من الولد ، وولد الرجل من كسبه . وقرأ الأعمش " وما اكتسب " ورواه عن ابن مسعود . وقال أبو الطفيل : جاء بنو أبي لهب يختصمون عند ابن عباس ، فاقتتلوا ، فقام ليحجز بينهم ، فدفعه بعضهم ، فوقع على الفراش ، فغضب ابن عباس وقال : أخرجوا عني الكسب الخبيث ، يعني ولده . وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه " ، خرجه أبو داود . وقال ابن عباس : لما أنذر رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيرته بالنار ، قال أبو لهب : إن كان ما يقول ابن أخي حقا فإني أفدي نفسي بمالي وولدي ؛ فنزل : { ما أغنى عنه ماله وما كسب } . و " ما " في قوله : { ما أغنى } : يجوز أن تكون نفيا ، ويجوز أن تكون استفهاما ، أي أي شيء أغنى عنه ؟ و " ما " الثانية : يجوز أن تكون بمعنى الذي ، ويجوز أن تكون مع الفعل مصدرا ، أي ما أغنى عنه ماله وكسبه .
ولما أوقع سبحانه الإخبار بهلاكه على هذا الوجه المؤكد لما كان لصاحب القصة وغيره من الكفار من التكذيب بلسان حاله وقاله لما له من المال والولد ، وما هو فيه من القوة بالعَدد والعُدد ، زاد الأمر تحققاً إعلاماً بأن الأحوال الدنيوية لا غناء لها ، فقال مخبراً ، أو مستفهماً منكراً : { ما أغنى } أي أجزى وناب وسد { عنه } أي عن أبي لهب الشقي الطريد المبعود عن الرحمة مع العذاب . { ماله } أي الكثير الذي جرت العادة بأنه ينجي من الهلاك .
ولما كان الكسب أعم من المال ، وكان المال قد يكسب منافع هي أعظم منه من الجاه وغيره ، وكان الإنسان قد يكون فائزاً ، ولا مال له بأمور أثلها بسعيه خارجة عن المال ، قال مفيداً لذلك ، مبيناً أنه لا ينفع إلا ما أمر الله به { وما كسب * } ، أي وإن كان ذلك على وجه هائل من الولد والأصحاب والعز بعشيرته التي كان يرضيها باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في المحافل يؤذيه ويكذبه ، وينهى الناس عن تصديقه ، مع أنه كان قبل ذلك يناديه بالصادق الأمين ، وكان ابنه عتبة شديد الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم ، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم سلط عليه كلباً من كلابك " ، فكان أبو لهب يعرف أن هذه الدعوة لا بد أن تدركه ، فلما حان الأمر ، وكان قد آن ما أراد صاحب العز الشامخ ، سبب له أن سافر إلى الشام فأوصى به أبوه الرفاق لينجوه رغم هذه الدعوة ، فكانوا يحدقون به إذا نام ليكون وسطهم ، والحمول محيطة به ، وهم محيطون بها ، والركاب محيطة بهم ، فلم ينفعه ذلك ؛ بل جاء الأسد فتشمم الناس حتى وصل إليه ، فاقتلع رأسه ، ولم ينفع أباه ذلك ؛ بل استمر على ضلاله لما سبق في علم الله تعالى ، حتى كانت وقعة بدر ، فلم يخرج فيها ، فلما جاء الفلال كان منهم ابن أخيه أبو سفيان بن الحارث فقال : هلم يا ابن أخي ، فعندك الخبر ، فقال : نعم ! فوالله ما هو إلا أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا يفتلونها كيف شاؤوا ، ويأسروننا كيف شاؤوا ، ومع ذلك ، والله مللت الناس ، لقينا رجالاً بيضاً على خيل بلق بين السماء والأرض ، ما تليق شيئاً - أي ما تبقيه - ، ولا يقوم لها شيء ، قال أبو رافع غلام العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه- وكان جالساً في حجرة في المسجد يبري نبلاً- وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت ، وكنا نكتم إسلامنا ، فما ملكت نفسي أن قلت : تلك والله الملائكة ، قال : فرفع أبو لهب يده فضرب وجهي ضربة شديدة ، قال : وثاورته ، فاحتملني فضرب بي الأرض ، ثم برك عليّ يضربني ، وكنت رجلاً ضعيفاً ، فقامت أم الفضل - يعني سيدته - زوجة العباس رضي الله عنها إلى عمود الحجرة - أي الخيمة - فضربته به ضربة فلقت في رأسه شجة منكرة ، وقالت : استضعفته أي عدو الله إن غاب عنه سيده ، فقام مولياً ذليلاً ، فوالله ما عاش إلا سبع ليال أو ستاً حتى رماه الله بالعدسة فقتله ، وما نفعه إبعاده عن الخطر بتخلفه عن بدر ، والعدسة بثرة تشبه العدسة تخرج في مواضع من الجسد من جنس الطاعون تقتل غالباً ، قال القزاز : كانت تعدي في الجاهلية ، قلما يسلم منها أحد ، تقول : عدس الرجل فهو معدوس ، كما تقول : طعن فهو مطعون إذا أصابه الطاعون . انتهى . ولأجل تشاؤم العرب بها ترك أبو لهب من غير دفن ثلاثاً ، حتى أنتن ، ثم استأجروا بعض السودان حتى دفنوه ، ويقال : إنهم حفروا له حفرة بعيدة عنه من شدة نتنه ، ثم دفعوه بخشب طوال حتى رموه فيها ، ورجموه بالحجارة والتراب من بعيد حتى طموه ، فكان ذلك سنة في رجمه ، فهو يرجم إلى الآن ، وذلك من أول إعجاز هذه الآيات أن كان سبة في العرب دون أن يغني عنه شيء مما يظن أنه يغني عنه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.