( إلا ما شاء الله ) . . فهو الاحتراس الذي يقرر طلاقة المشيئة الإلهية ، بعد الوعد الصادق بأنه لا ينسى . ليظل الأمر في إطار المشيئة الكبرى ؛ ويظل التطلع دائما إلى هذه المشيئة حتى فيما سلف فيه وعد منها . ويظل القلب معلقا بمشيئة الله حيا بهذا التعلق أبدا . .
( إنه يعلم الجهر وما يخفى ) . . وكأن هذا تعليل لما مر في هذا المقطع من الإقرار والحفظ والاستثناء . . فكلها ترجع إلى حكمة يعلمها من يعلم الجهر وما يخفى ؛ ويطلع على الأمر من جوانبه جميعا ، فيقرر فيه ما تقتضيه حكمته المستندة إلى علمه بأطراف الأمر جميعا .
{ إِلاَّ مَا شَاء الله } استثناء مفرغ من أعم المفاعيل أي لا تنسى أصلاً مما سنقرئكه شيئاً من الأشياء إلا ما شاء الله أن تنساه قيل أي أبداً قال الحسن وقتادة وغيرهما وهذا مما قضى الله تعالى نسخة وأن يرتفع حكمه وتلاوته والظاهر أن النسيان على حقيقته وفي الكشاف أي إلا ما شاء الله فذهب به عن حفظك برفع حكمه وتلاوته وجعل النسيان عليه بمعنى رفع الحكم والتلاوة وكناية عنه لأن ما رفع حكمه وتلاوته يترك فينسى فكأنه قيل بناه على إرادة المعنيين في الكنايات سنقرئك القرآن فلا تنسى شيئاً منه ولا يرفع حكمه وتلاوته إلا ما شاء الله فتنساه ويرفع حكمه وتلاوته أو نحو هذا وأنا لا أرى ضرورة إلى اعتبار ذلك والباء في برفع الخ للسببية والمراد إما بيان السبب العادي البعيد الذهاب الله تعالى به عن الحفظ فإن رفع الحكم والتلاوة يؤدي عادة في الغالب إلى ترك التلاوة لعدم التعبد بها وإلى عدم اخطاره في البال لعدم بقاء حكمه وهو يؤدي عادة في الغالب أيضاً إلى النسيان أو بيان السبب الدافع لاستبعاد الذهاب به عن حفظه عليه الصلاة والسلام وهو كالسبب المجوز لذلك وأياً ما كان فلا حاجة إلى جعل معنى فلا تنسى فلا تترك تلاوة شيء منه والعمل به فتأمل ثم انه لا يلزم من كون ما شاء الله تعالى نسيانه مما قضى سبحانه إن يرتفع حكمه وتلاوته أن يكون كل ما ارتفع حكمه وتلاوته قد شاء الله تعالى نسيان النبي صلى الله عليه وسلم فإن من ذلك ما يحفظه العلماء إلى اليوم فقد أخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات الحديث وكونه صلى الله عليه وسلم نسى الجميع يعد تبليغه وبقي ما بقي عند بعض من سمعه منه عليه الصلاة والسلام فنقل حتى وصل إلينا بعيد وإن أمكن عقلاً وقيل كان صلى الله عليه وسلم يعجل بالقراءة إذا لقنه جبريل عليه السلام فقيل لا تعجل فإن جبريل عليه السلام مأمور أن يقرأه عليك قراءة مكررة إلى أن تحفظه ثم لا تنساه إلا ما شاء الله تعالى ثم تذكره بعد النسيان وأنت تعلم أن الذكر بعد النسيان وان كان واجباً إلا أن العلم به لا يستفاد من هذا المقام وقيل إن الاستثناء بمعنى القلة وهذا جار في العرف كأنه قيل إلا ما لا يعلم لأن المشيئة مجهولة وهو لا محالة أقل من الباقي بعد الاستثناء فكأنه قيل فلا تنسى شيئاً إلا شيئاً قليلاً وقد جاء في صحيح البخاري وغيره أنه صلى الله عليه وسلم أسقط آية في قراءته في الصلاة وكانت صلاة الفجر فحسب أبي أنها نسخت فسأله عليه الصلاة والسلام فقال نسيتها ثم أنه عليه الصلاة والسلام لا يقر على نسيانه القليل أيضاً بل يذكره الله تعالى أو ييسر من يذكره ففي البحر أنه صلى الله عليه وسلم قال حين سمع قراءة عباد بن بشير " لقد ذكرني كذا وكذا آية في سورة كذا وكذا " وقيل الاستثناء بمعنى القلة وأريد بها النفي مجازاً كما في قولهم قل من يقول كذا قيل والكلام عليه من باب
: ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم *** البيت والمعنى فلا تنسى إلا نسياناً معدوما وفي الحواشي العصامية على أنوار التنزيل أن الاستثناء على هذا الوجه لتأكيد عموم النفي لا لنقض عمومه وقد يقال الاستثناء من أعم الأوقات أي فلا تنسى في وقت من الأوقات إلا وثت مشيئة الله تعالى نسيانك لكنه سبحانه لا يشاء وهذا كما قيل في قوله تعالى في أهل الجنة { خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك } [ هود : 107 ] وقد قدمنا ذلك وإلى هذا ذهب الفراء فقال إنه تعالى ما شاء الله ينسى النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً إلا أن المقصود من الاستثناء بيان أنه تعالى لو أراد أن يصيره عليه الصلاة والسلام ناسياً لذلك لقدر عليه كما قال سبحانه { ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك } [ الإسراء : 86 ] ثم انا نقطع بأنه تعالى ما شاء ذلك وقله له صلى الله عليه وسلم { لئن أشركت ليحبطن عملك } [ الزمر : 65 ] مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يشرك البتة .
وبالجملة ففائدة هذا الاستثناء إن يعرفه الله تعالى قدرته حتى يعلم صلى الله عليه وسلم أن عدم النسيان من فضلة تعالى وإحسانه لا من قوته أي حتى يتقوى ذلك جداً أو ليعرف غيره ذلك وأن نفي أن يشاء الله تعالى نسيانه عليه الصلاة والسلام معلوم من خارج ومنه آية { لا تحرك به لسانك لتعجل به } [ القيامة : 16 ] الآية وقد أشار أبو حيان إلى ما قاله الفراء وإلى الوجه الذي قبله وإباهما غاية الآباء لعدم الوقوف على حقيقتهما وقال لا ينبغي أن يكون ذلك في كلام الله تعالى بل ولا في كلام فصيح وهو مجازفة منه عفا الله تعالى عنه ثم إن المراد من نفى نسيان شيء من القرآن نفى النسيان التام المستمر مما لا يقر عليه صلى الله عليه وسلم كالذي تضمنه الخبر السابق ليس كذلك وقد ذكروا أنه عليه الصلاة والسلام لا يقر على النسيان فيما كان من أصول الشرائع والواجبات وقد يقر على ما ليس منها أو منها وهو من الآداب والسنن ونقل هذا عن الإمام الرازي عليه الرحمة فليحفظ والالتفات إلى الاسم الجليل على سائر الأوجه لتربية المهابة والإيذان بدوران المشيئة على عنوان الألوهية المستتبعة لسائر الصفات وربط الآية بما قبلها على الوجه الذي ذكرناه هو الذي اختاره في الإرشاد وقال أبو حيان إنه سبحانه لما أمره صلى الله عليه وسلم بالتسبيح وكان لا يتم إلا بقراءة ما أنزل عليه من القرآن وكان صلى الله عليه وسلم يتفكر في نفسه مخافة أن ينسى أزال سبحانه عنه ذلك بأنه عز وجل يقرئه وأنه لا ينسى إلا ما شاء أن ينسيه لمصلحة وفيه نظر لا يخفى ولو قيل إن { سنقرئك } استئناف واقع موقع التعليل للتسبيح أو للأمر به فيفيد جلالة الإقراء وأنه مما ينبغي أن يقابل بتنزيه الله تعالى وإجلاله كان أخون مما ذكر ونحوه كونه في موقع التعليل على معنى هيىء نفسك للإفاضة عليك بتسبيح الله تعالى لأنا سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله ويتضمن ذلك الإشارة إلى فضل التسبيح وقد وردت أخبار كثيرة في ذلك وذكر الثعلبي بعضاً منها ونقله ابن الشيخ في «حواشيه » على تفسير البيضاوي والله تعالى أعلم بصحته { إِنَّهُ يَعْلَمُ الجهر وَمَا يخفى } تعليل لما قبله والجهر هنا ما ظهر قولاً أو فعلاً أو غيرهما وليس خاصاً بالأقوال بقرينة المقابلة أي أنه تعالى يعلم ما ظهر وما بطن من الأمور التي من جملتها حالك وحرصك على حفظ ما يوحي إليك بأسره فيقرئك ما يقرئك ويحفظك عن نسيان ما شاء منه وينسيك ما شاء منه مراعاة لما نيط بكل من المصالح والحكم التشريعية وقيل توكيد لجميع ما تقدمه وتوكيد لما بعده وقيل توكيد لقوله تعالى : { سَنُقْرِئُكَ } الخ على أن الجهر ما ظهر من الأقوال أي يعلم سبحانه جهرك بالقراءة مع جبريل عليه السلام وما دعاك إليه من مخافة النسيان فيعلم ما فيه الصلاح من إبقاء وانساء أو فلا تخف فإني أكفيك ما تخاف وقيل إنه متعلق بقوله تعالى : { سَبِّحِ اسم رَبّكَ الاعلى } [ الأعلى : 1 ] وهذا ليس بشيء كما ترى .
قوله : { إلا ما شاء الله } إلا ما شاء الله أن ينسيه إياه فلا يذكره . وقيل : المستثنى ما نسخه الله من القرآن فرفع حكمه وتلاوته .
قوله : { إنه يعلم الجهر وما يخفى } الله يعلم كل أعمالك يا محمد ، سرها وعلانيتها . ويعلم منها ما ظهر وما بطن . أو يعلم ما أسررتم وما أعلنتم من أقوالكم وأفعالكم . وقيل : يعلم أنك تجهر بالقراءة مع قراءة جبريل خشية التفلّت . والله يعلم جهرك معه وما في نفسك مما يحملك على الجهر . فلا تفعل فإني كافيك ما تخافه .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم استثنى ، فقال : { إلا ما شاء الله } يعني إلا ما شاء الله فينسخها ، ويأت بخير منها ، ثم قال :{ إنه يعلم الجهر وما يخفى } يعلم الجهر من القول والفعل ، وما يخفى منهما . ...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله : "سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إلاّ ما شاءَ اللّهُ" يقول تعالى ذكره : سنقرئك يا محمد هذا القرآن فلا تنساه ، إلاّ ما شاء الله .
ثم اختلف أهل التأويل في معنى قوله "فلا تَنْسَى إلاّ ما شاءَ اللّهُ" ؛ فقال بعضهم : هذا إخبار من الله نبيه عليه الصلاة والسلام أنه يعلمه هذا القرآن ، ويحفظه عليه ، ونهي منه أن يعجل بقراءته ، كما قال جلّ ثناؤه : "لا تُحَرّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بهِ إنّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقُرآنَهُ" ... فقال قائلو هذه المقالة : معنى الاستثناء في هذا الموضع على النسيان ، ومعنى الكلام : فلا تنسى ، إلاّ ما شاء الله أن تنساه ، ولا تذكُرَه ، قالوا : ذلك هو ما نسخه الله من القرآن ، فرفع حكمه وتلاوته ...
وقال آخرون : معنى النسيان في هذا الموضع : الترك، وقالوا : معنى الكلام : سنقرئك يا محمد فلا تترك العمل بشيء منه ، إلاّ ما شاء الله أن تترك العمل به ، مما ننسخه .
وكان بعض أهل العربية يقول في ذلك : لم يشأ الله أن تنسى شيئا ، وهو كقوله : "خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السّمَوَاتُ والأرْضُ إلاّ ما شاءَ رَبّكَ" ولا يشاء . قال : وأنت قائل في الكلام : لأعطينك كلّ ما سألت إلاّ ما شئت ، وإلاّ أن أشاء أن أمنعك ، والنية أن لا تمنعه ، ولا تشاء شيئا . قال : وعلى هذا مجارِي الأَيمان ، يستثنى فيها ، ونية الحالف : اللمام .
والقول الذي هو أولى بالصواب عندي ، قول من قال : معنى ذلك : فلا تنسى إلاّ أن نشاء نحن أن نُنسيكه بنسخه ورفعه ، وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لأن ذلك أظهر معانيه .
وقوله : "إنّهُ يَعْلَمُ الجَهْرَ وَما يَخْفَى" يقول تعالى ذكره : إن الله يعلم الجهر يا محمد من عملك ، ما أظهرته وأعلنته "وَما يَخْفَى" يقول : وما يخفى منه فلم تظهره ، مما كتمته ، يقول : هو يعلم جميع أعمالك ، سرّها وعلانيتها يقول : فاحذره أن يطلع عليك وأنت عامل في حال من أحوالك بغير الذي أذن لك به .
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
... ونسيان النبي صلى الله عليه وسلم ممتنع فيما أمر بتبليغه ، إذ هو معصوم فإذا بلغه ووعي عنه ، فالنسيان جائز على أن يتذكر بعد ذلك وعلى أن يسنَّ ، أو على النسخ ، ثم أخبر تعالى { إنه يعلم الجهر } من الأشياء { وما يخفى } منها ، وذلك لإحاطته بكل شيء علماً ، وبهذا يصح الخبر بأنه لا ينسى شيئاً إلا ذكره الله تعالى به ...
فائدة هذا الاستثناء أن الله تعالى يعرفه قدرة ربه حتى يعلم أن عدم النسيان من فضل الله وإحسانه لا من قوته.
إنه تعالى لما ذكر هذا الاستثناء جوز رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما ينزل عليه من الوحي قليلا كان أو كثيرا أن يكون ذلك هو المستثنى ، فلا جرم كان يبالغ في التثبت والتحفظ والتيقظ في جميع المواضع ، فكان المقصود من ذكر هذا الاستثناء بقاءه عليه السلام على التيقظ ، في جميع الأحوال...
أما قوله تعالى : { إنه يعلم الجهر وما يخفى } ففيه وجهان؛
( أحدهما ) : أن المعنى أنه سبحانه عالم بجهرك في القراءة مع قراءة جبريل عليه السلام ، وعالم بالسر الذي في قلبك وهو أنك تخاف النسيان ، فلا تخف فأنا أكفيك ما تخافه.
( والثاني ) : أن يكون المعنى : فلا تنسى إلا ما شاء الله أن ينسخ ، فإنه أعلم بمصالح العبيد ، فينسخ حيث يعلم أن المصلحة في النسخ . ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ إلا ما شاء الله } أي الملك الأعظم الذي له الأمر كله ، أن تنساه لأنه نسخه ، أو لتظهر عظمته في أن أعظم الخلق يغلبه القرآن لأنه صفة الله فتنسى الآية أو الكلمة ثم تذكرها تارة بتذكير أحد من آحاد أمتك وتارة بغير ذلك ....{ إنه } أي الذي مهما شاء كان { إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون }[ النحل : 40 ] ....{ يعلم الجهر } أي ثابت له هذا الوصف على سبيل التجدد والاستمرار في الإقراء والقراءة وغيرهما . ولما ذكره باسمه ليدل على- أنه يعلمه مطلقاً لا بقيد كونه جهراً ، قال مصرحاً بذلك : { وما يخفى } أي يتجدد خفاؤه من القراءة وغيرها على أي حالة كان الإخفاء ، فيدل على علمه به إذا جهر به بطريق الأولى . ...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
( إلا ما شاء الله ) . . فهو الاحتراس الذي يقرر طلاقة المشيئة الإلهية ، بعد الوعد الصادق بأنه لا ينسى . ليظل الأمر في إطار المشيئة الكبرى ؛ ويظل التطلع دائما إلى هذه المشيئة حتى فيما سلف فيه وعد منها . ويظل القلب معلقا بمشيئة الله حيا بهذا التعلق أبدا . . ( إنه يعلم الجهر وما يخفى ) . . وكأن هذا تعليل لما مر في هذا المقطع من الإقرار والحفظ والاستثناء . . فكلها ترجع إلى حكمة يعلمها من يعلم الجهر وما يخفى ؛ ويطلع على الأمر من جوانبه جميعا ، فيقرر فيه ما تقتضيه حكمته المستندة إلى علمه بأطراف الأمر جميعا . ...
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى } فهما سيّان لديه ، لأن كل ما في داخلهما جزءٌ من خلقه ومن إرادته ، فهو الذي يقرّر للإنسان ما يختاره من ذلك كله . وقد نستوحي من التأكيد على الإقراء مع عدم النسيان ، أنّ عملية الوعي الحاضر للقرآن واستيعاب آياته وحفظه في دائرة الاستغراق في كلماته ومعانيه ، يمثِّل قاعدةً قرآنيةً إسلاميّةً للدعاة إلى الله ، لا بدّ لهم من أن يتوفّروا عليها ، باعتبار أنها تمثل الأساس في القاعدة الفكرية النفسية لإبلاغ الرسالة في وعيٍ عامل حاضرٍ للمصدر الأساس للرسالة وهو القرآن . ...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
ولإثبات قدرته سبحانه وتعالى ، وأنّ كلّ خير منه ، تقول الآية : ( إلاّ ما شاء اللّه إنّه يعلم الجهر وما يخفى ) . ولا يعني هذا الاستثناء بأنّ النسيان قد أخذ من النبيّ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وطراً ، وإنّما هو لبيان أنّ قدرة حفظ الآيات هي موهبة منه سبحانه وتعالى ، ومشيئته هي الغالبة أبداً ، وإلاّ لتزعزعت الثقة في قول النبيّ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وبعبارة أخرى ، إنّما جاء الاستثناء لتبيان الفرق بين علم اللّه تعالى الذاتي ، وعلم النبيّ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المعطى له من بارئه . والآية تشبه إلى حد ما ما جاء في الآية ( 108 ) من سورة هود ،...