فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّهُۥ يَعۡلَمُ ٱلۡجَهۡرَ وَمَا يَخۡفَىٰ} (7)

وقوله { إلا ما شاء الله } استثناء مفرغ من أعم المفاعيل أي لا تنسى مما تقرأه شيئا من الأشياء إلا ما شاء الله أن تنساه ، قال ابن عباس يقول إلا ما شئت أنا فأنسيك .

قال الفراء وهو لم يشأ سبحانه أن ينسى محمد صلى الله عليه وآله وسلم شيئا كقوله { خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك } وقيل إلا ما شاء الله أن تنسى ثم تذكر بعد ذلك فإذن قد ينسى ولكنه يتذكر ولا ينسى شيئا نسيانا كليا ، وقيل هو بمعنى النسخ أي إلا ما شاء الله أن ينسخه مما نسخ تلاوته وحكمه معا ، وأما ما نسخت تلاوته فقط أو حكمه فقط فلا يصح أن تنساه للاحتياج إلى تلاوته في الأول ، وإلى حكمه في الثاني .

وقيل المعنى فلا تترك العمل إلا ما شاء الله أن تتركه لنسخه ورفع حكمه ، وقيل إلا ما شاء أن يؤخر إنزاله .

والالتفات إلى الاسم الجليل لتربية المهابة والإيذان بدوران المشيئة على عنوان الألوهية المستتبعة لسائر الصفات .

{ إنه يعلم الجهر وما يخفى } تعليل لما قبله أي يعلم ما ظهر وما بطن ، والإعلان والإسرار ، وظاهره العموم فيندرج تحته ما قيل إن الجهر ما حفظه رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرآن ، وما يخفى هو ما نسخ من صدره ، ويدخل تحته أيضا ما قيل من أن الجهر هو إعلان الصدقة وما يخفى هو إخفاؤها .

ويدخل تحته أيضا ما قيل إن الجهر جهره صلى الله عليه وسلم بالقرآن مع قراءة جبريل مخافة أن يتفلت عليه ، وما يخفى ما في نفسه مما يدعوه إلى الجهر .