وفي المشيئة في قوله تعالى : { إلا ما شاء الله } أي : المَلِك الذي له الأمر كله وجوه : أحدها : التبرّك بهذه الكلمة كقوله تعالى : { ولا تقولنّ لشيءٍ إني فاعل ذلك غداً 23 إلا أن يشاء الله } [ الكهف : 23 24 ] فكأنه تعالى يقول : إني عالم بجميع المعلومات ، وعالم بعواقب الأمور على التفصيل ، ومع ذلك لا أخبر بوقوع شيء في المستقبل إلا مع هذه الكلمة ، فأنت وأمّتك يا أشرف الخلق أولى بها .
ثانيها : قال الفرّاء : إنه تعالى ما شاء أن ينسى محمداً صلى الله عليه وسلم شيئاً ؛ إلا أن المقصود من ذكر هذا الاستثناء بيان أنه تعالى يصيره ناسياً لذلك لقدر عليه كقوله تعالى : { ولئن شئنا لنذهبنّ بالذي أوحينا إليك } [ الإسراء : 86 ] ثم إنا نقطع أنه تعالى ما شاء ذلك . ونظيره قوله تعالى : { لئن أشركت ليحبطنّ عملك } [ الزمر : 65 ] مع أنه صلى الله عليه وسلم ما أشرك البتة ففائدة هذا الاستثناء أنّ الله تعالى يعرفه قدرته حتى يعلم أنّ عدم النسيان من فضل الله تعالى وإحسانه لا من قوّته .
ثالثها : أنّ الله تعالى لما ذكر هذا الاستثناء جوّز صلى الله عليه وسلم في كل ما ينزل عليه من الوحي أن يكون ذلك هو المستثنى ، فلا جرمٌ بالغ في التثبت والتحفظ في جميع المواضع ، فكان المقصود من ذكر الاستثناء بقاؤه صلى الله عليه وسلم على التيقظ في جميع الأحوال .
رابعها : أن ينساه بنسخ تلاوته وحكمه ، وكان صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة مع قراءة جبريل عليه السلام خوف النسيان فكأنه قيل له : لا تعجل بها إنك لا تنسى ولا تتعب نفسك بالجهر بها .
{ إنه } أي : الذي مهما شاء كان { يعلم الجهر } أي : القول والفعل { وما يخفى } أي : منهما ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ما في قلبك ونفسك . وقال محمد بن حاتم يعلم إعلان الصدقة وإخفاءها . وقيل : الجهر ما حفظته من القرآن في صدرك ، وما يخفى ما نسخ من صدرك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.