غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّهُۥ يَعۡلَمُ ٱلۡجَهۡرَ وَمَا يَخۡفَىٰ} (7)

1

أما الاستثناء ففيه قولان : الأول أنه ليس على حقيقته ، فقد روي عن الكلبي أنه صلى الله عليه وسلم لم ينس بعد نزول هذه الآية شيئاً . وعلى هذا فالمقصود من الاستثناء إما نفي النسيان رأساً كما تستعمل القلة في معنى العدم ، وإما التبرك بذكر هذه الكلمة وتعليم العباد أن لا يتركوها في كل ما يخبرون عنه ، وفيه أنه تعالى قادر على إنسائه إلا أنه لا ينسيه بفضله وإحسانه ، وفيه لطف للنبي صلى الله عليه وسلم أن يكون متيقظاً مبالغاً دراسة ما ينزل عليه من الوحي قليلاً كان أو كثيراً ، فإن كل جزء من أجزائه يحتمل أن يكون هو المستثنى . الثاني أنه حقيقة . ثم حمله مقاتل على النسخ كما مر . وقال الزجاج : أراد إلا أن يشاء الله فتنساه ثم تذكره بعد النسيان كما روي أنه أسقط في قراءته آية في الصلاة فحسب أبيّ أنها نسخت فسأله فقال : نسيتها . وقيل : أريد القلة والندرة لا في الواجبات فإنه يورث الخلل في الشرع ولكن في غيرها . ثم علل حسن النسخ بقوله { إنه يعلم الجهر وما يخفى } وإذا كان كذلك كان وضع الحكم ورفعه واقعاً بحسب مصالح المكلفين . وقيل : أراد أنك تجهر بقراءتك مع قراءة جبرائيل مخافة النسيان والله يعلم ما في نفسك من الحرص على تحفظ الوحي ، فلا تفعل فأنا أكفيك ما تخافه .

/خ19