في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

16

وبينما هو يتحدث عنهم يلتفت إليهم مباشرة ليخاطبهم مقرعا مهددا بسوء العاقبة لو قادهم حالهم هذا الى النكسة والتولي الى الكفر ؛ وخلع ذلك الستار الرقيق من الإسلام :

( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ? ) . .

وهذا التعبير . . ( هل عسيتم ) . . يفيد ما هو متوقع من حال المخاطبين . ويلوح لهم بالنذير والتحذير . . احذروا فإنكم منتهون إلى أن تعودوا إلى الجاهلية التي كنتم فيها . تفسدون في الأرض وتقطعون الأرحام ، كما كان شأنكم قبل الإسلام . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

ثم زاد في تأنيبهم وتوبيخهم بقوله :

{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الأرض وتقطعوا أَرْحَامَكُمْ أولئك الذين لَعَنَهُمُ الله فَأَصَمَّهُمْ وأعمى أَبْصَارَهُمْ }

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

شرح الكلمات :

{ فهل عسيتم إن توليتم } : أي أعرضتم عن الإِيمان الصوري الذي أنتم عليه وأعلنتم عن كفركم .

{ أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم } : أي تفسدوا في الأرض بالشرك والمعاصي ولا تصلوا أرحامكم .

المعنى :

ثم قال لهم مخاطباً إياهم توبيخاً وتقريعا فهل عسيتم بكسر السين وفتحها قراءتان إن توليتم أي عن الإِيمان الصوري إلى الكفر الظاهر فأعلنتم عن ردتكم أن تفسدوا في الأرض بفعل الشرك وارتكاب المعاصي وتقطعوا أرحامكم بإعلان الحرب على أقربائكم المؤمنين الصادقين . هذا إذ كان التولي بمعنى الرجوع إلى الكفر العلني وإن كان بمعنى الحكم فالأمر كذلك إذا حكموا ليفعلون ما هو أعظم من الشرك والفساد في الأرض وتقطيع الأرحام .

الهداية :

من الهداية :

- شر الخلق من إذا تولى أفسد في الأرض بالشرك والمعاصي .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ} (22)

ولما كان هذا تبكيتاً لهم{[59718]} من أجل فتورهم عن-{[59719]} أمر الله ، سبب عن ذلك الفتور بيان ما يحصل منه من عظيم الفساد ويتأثر به من-{[59720]} خراب البلاد وشتات العباد في معرض سؤال في أسلوب الخطاب بعد التبكيت والتهديد في أسلوب الغيبة تنبيهاً على تناهي الغضب وبلوغه الغاية فقال تعالى : { فهل عسيتم } أي فتسبب عن تسرعكم إلى السؤال في أن يأمركم الملك بما يرضيه ، فإذا أجابكم فرحمكم{[59721]} بما يعلم أنه أصلح الأشياء لكم وهو الجهاد كرهتموه ووجهتم منه وقعدتم{[59722]} عنه أن يقال لكم لما يرى منكم من المخايل الدالة على ضعف الإيمان : هل يمكن عندكم نوع إمكان وتتوقعون{[59723]} شيئاً من توقع أن يكون حالكم جديراً وخليقاً لتغطية{[59724]} علم العواقب عنكم فتخافون من أنفسكم .

ولما كان المقام لذم الإعراض عن الأمر ، فصل بين " عسى " وخبرها بشرطية معبر{[59725]} فيها بالتولي بصيغة التفعل إشارة مع نهاية الذم إلى أن المعرض عن أمر الله معرض عما تدعوه الفطرة الأولى القويمة والعقل السديد إلى حسنه ، فهو لا يعرض عنه إلا بمجاهدة منه لنفسه فقال تعالى : { إن توليتم } أي بأنفسكم عن الجهاد الذي أمركم به ربكم{[59726]} الذي عرفكم من فوائده ما لا مزيد عليه{[59727]} مما لا يتركه معه عاقل ولا يتخيل تركه إلا على سبيل الفرض - بما أشارت إليه أداة الشرط - أو حصلت توليتكم بتحصيل محصل أوجبها لكم وزينها في أعينكم حتى فعلتموها ، وهذا المعنى الثاني هو المراد ببنائه للمجهول{[59728]} في رواية رويس عن يعقوب{[59729]} { أن تفسدوا } أي توقعوا الإفساد العظيم الذي يستمر تجديده{[59730]} منكم{[59731]} { في الأرض } بقتال يكرهه الله ويسخطه{[59732]} ويغضب أشد غضب على فاعله وتكونوا في غاية الجرأة عليه ، فإن الذي رحمكم بإنزال ما أنزل حكم بأن{[59733]} من جبن عما يرضيه رغبة في الآخرة اجترأ على ما-{[59734]} يسخطه حباً في الدنيا ، وقد كنتم في الجاهلية على ذلك في الغارة من بعضكم على بعض ونحو ذلك { وتقطعوا } تقطعياً {[59735]}عظيماً شديداً{[59736]} كثيراً منتشراً كبيراً { أرحامكم * } فتكونوا بذلك أعزة على المؤمنين كما كنتم أذلة على الكافرين ، وأقل ما في إعراضكم خذلانكم للمؤمنين المجاهدين بما قد يكون سبباً لظهور الكافرين عليهم فتكونوا بذلك قد جمعتم بين قطيعة-{[59737]} أرحامهم{[59738]} وفقدكم لما كان يصل إليكم من منافعهم ، فإن كففتم{[59739]} بعدهم عن قتلهم كنتم مع ما فاتكم من خيرهم أجبن-{[59740]} الناس وأرضاهم بالعار ، وإن تعاطيتم الأخذ بثأرهم كنتم{[59741]} كمن أخذ في فعل ما أمر به بعد فواته وأن له ذلك ، وقد علم من هذا أن من أمر بالمعروف وجاهد أهل المنكر أمن{[59742]} الإفساد في الأرض وقطيعة الرحم ، ومن تركه وقع فيهما ، ويمكن أن يكون " توليتم " من ولاية الأمر ، فتكون الآية مشيرة إلى ولاية الفجرة ومنذرة بذلك أن اصنع الأمر بالمعروف ، وقد وقع ذلك وشوهد ما ابتنى عليه من الفساد والقطيعة ، وعزائم الأنكاد{[59743]} وسوء الصنيعة .


[59718]:زيد في الأصل: على ما حصل، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59719]:زيد من م ومد.
[59720]:زيد من ظ و م ومد.
[59721]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فقد رحمكم.
[59722]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: تقدمتم.
[59723]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: متوقعون.
[59724]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: تغطية.
[59725]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: معبرا.
[59726]:زيد في الأصل: ومربيكم، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59727]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: عنه.
[59728]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: للمفعول.
[59729]:راجع نثر المرجان 6/597.
[59730]:في ظ ومد: يجدده.
[59731]:سقط من ظ و م ومد.
[59732]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: رسوله وسخطه.
[59733]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: ما.
[59734]:زيد من ظ و م ومد.
[59735]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59736]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد..
[59737]:زيد من م ومد.
[59738]:من ظ ومد، وفي الأصل و م: أرحامكم.
[59739]:من مد، وفي الأصل و ظ ومد: كنتم.
[59740]:زيد من م ومد.
[59741]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أكنتم.
[59742]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: أمر.
[59743]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الإنكار.